وبالجملة فهذا القول باطل وعلى تقدير صحته، فإنما يصح باعتبار صفاتنا الحادثة هي وأحوالها فأمكن اسناده إلى مؤثر، وأما صفاته جل وعلا فكلها واجبة والواجب من لازمه وجوب القدم والبقاء إذ الوجوب نفي قبول الانتفاء ومالا يقبل الانتفاء فلا انتفاء له سابقا ولا لاحقا، وفي ذلك تحقيق قدمه وبقائه فلم يصح اسناده لمقتض أصلا فلا معنى للتعليل أن أطلق فيها إلا التلازم وظاهر كلام المقترح أن الخلاف جار أيضا في تعليل الواجب فإنه قال في تقرير الجواب عن شبهة المعتزلة التي سبق تقريرها من قال بأن التعليل معناه التلازم يقول قد يتلازم الممكنان وقد يتلازم الواجبان ولا منافاة ومن قال بأن المعنى يوجب قال الحكم لا يجب إلا باعتبار وجوب معناه فانا قلنا أنه لا يعقل متميزا إلا باعتباره ولا يثبت فيه اختلاف ولا تماثل باعتبار معقوليته،
العبد وهي المؤثرة في فعله عند المعتزلة (قوله فهذا القول) أي القول بتأثير المعاني في المعنوية (قوله وعلى تقدير صحته الخ) هذا لا معنى له لأن أصل الكلام في صفاتنا الحادثة، وقوله: إنما يصح الخ يقتضي أن هذا القول قيل به في صفاته تعالى وفي صفاتنا الحادثة وليس كذلك (قوله فأمكن اسنادها إلى مؤثر) أي امكانا وقوعيا وهذا تفريع على قوله فإنما يصح الخ (قوله والواجب) أي الواجب مطلقا لا خصوص الصفات، وإن كان الكلام أوّلا في الصفات (قوله نفي قبول الانتفاء) أي أزلا وفيما لا يزال (قوله فلا انتفاء له) أي فلا يقبل الانتفاء ... (قوله وفي ذلك) أي في انتفاء قبول الانتفاء سابقا ولاحقا (قوله تحقيق الخ) أي تحقيق وجوب قدمه وبقائه، والضمير للواجب الشامل للصفات (قوله فلم يصح اسناده لمقتض أصلا) أي لمقتض يؤثر فيه الايجاد بعد العدم أو العدم بعد الوجود (قوله فيها) أي في صفاته جل وعلا ... (قوله أن الخلاف الخ) أي الخلاف السابق في معنى تعليل المعاني للمعنوية في الشاهد هل المراد به التلازم أو التأثير لكن كلام المقترح ليس فيه تعرض ولا إشارة للقول بأن المعاني مؤثرة في المعنوية (قوله جار) أي في الجملة لأن الخلاف المتقدم في صفات الحوادث هو أن الصانع فعل المعنى، والحال اللازمة أو أحدهما فقط والخلاف في صفات القديم هو هل كلاهما قديم أو أحدهما فقط (قوله في تعليل الواجب) أي في تعليل الأحوال الواجبة بالمعاني (قوله التي سبق تقريرها) أي بقوله لو وجدت المعاني للزم تعليل الواجب لكن التالي باطل فمثله المقدم فثبت نقيضه وهو أنها ليست بموجودة (قوله قد تتلازم الممكنات) أي كالمعاني القائمة بالعبيد والمعنوية القائمة به (قوله وقد تتلازم الواجبات) وذلك كالمعاني القائمة بالرب والمعنوية القائمة به (قوله ولا منافاة) أي بين الاتصاف بالوجوب والاتصاف بالتلازم فإن المعنوية واجبة وملازمة للمعاني (قوله ومن قال بأن المعنى يوجب) أي يوجب الحال المعنوية: أي ومن قال إن تعليل الحال بالمعاني معناه إيجابها لها لا ملازمتها فليس مراده بالإيجاب التأثير بل مراده أن العلم بوجود المعاني يفيد العلم بثبوت الحال بالمعنوية في الخارج (قوله الحكم) أي المعنوية، وقوله: لا يجب: أي لا يعلم وجوبه: أي ثبوته، وقوله: إلا الخ: أي إلا باعتبار العلم بوجود معناه (قوله فإنا قلنا الخ) هذا سند لكون المراد بالإيجاب إفادة العلم لا التأثير (قوله انه) أي الحكم وهو المعنوية (قوله باعتباره) أي باعتبار معناه (قوله فيه) أي الحكم (قوله باعتبار معقوليته) أي مفهومه في حد ذاته بقطع النظر عن معناه