لأن تلك العلة إن أثرت في ثبوت الحال مع التقدم لزم تأخر المعلول عن علته بالزمان وهو محال وإن أثرت في الثبوت مع مصاحبة وجودها له لزم عدم تقدم المؤثر على أثره وهو محال، ولزم التحكم إذ ليس اسناد وجود العلة للفاعل المختار وهي أفادت ثبوت الحال بالأولى من اسناد ثبوت الحال للفاعل وهي أفادت ثبوت تلك العلة، بل طلب الحال للمعنى أقوى من طلب المعنى له لأن الحال لا تعقل متميزة إلا باعتبار معناها بخلاف العكس، فإن أجابوا بترجيح العلة للتأثير لكونها أصلا قيل لهم لا ملازمة بين كون الشيء أصلا وكونه مؤثرا، وإنما يصح التأثير لمن وجبت له صفات الألوهية من كمال العلم والقدرة والارادة والحياة والوحدانية إلى غير ذلك من الصفات التي لا تليق إلا بالله جل وعلا ولو كان كون الشيء أصلا لغيره يقتضي استقلاله بإثبات غيره الملازم له للزم أن يكون تعالى إنما أوجد الجواهر وهي تستقل بإيجاد الأعراض، وذلك معلوم البطلان
اسقاط في (قوله لأن تلك العلة) أي المعنى الموجب للحال (قوله مع التقدّم) أي تقدّمها عليه في الزمان (قوله وهو) أي تأخر المعلول عن علته زمانا (قوله محال) لوجوب التقارن بين العلة والمعلول في الوجود (قوله وإن أثرت) أي العلة وهي المعاني (قوله في الثبوت) أي ثبوت الحال (قوله لزم عدم تقدم المؤثر على أثره وهو محال) أي لوجوب تقدم المؤثر على أثره ثم إن أراد عدم تقدمه عليه بالذات فلا يلزم مع المصاحبة في الوجود، وأن أراد عدم تقدمه بالزمان فلا نسلم استحالته إلا لو كان التأثير بالاعتبار بل عدم التقدم حينئذ واجب والموضوع التأثير بالعلة ولو قال الشارح وإن أثرت في الثبوت مع مصاحبة وجود هاله للزم أن الأثر وجد بعد عدم والمصاحبة تقتضي أنه لم يسبق بعدم وهذا تهافت لكان أولى (قوله وجود العلة) وهي المعنى الموجب للحال (قوله وهي) أي العلة والواو للحال (قوله إلا باعتبار معناها) أي باعتبار المعنى المستلزم لها فلا تعقل العالمية إلا بعد تعقل العلم (قوله بخلاف العكس) فانا نتعقل المعاني متميزة لا باعتبار حالها فنتعقل العلم مثلا وإن لم نتعقل العالمية (قوله فإن أجابوا) أي عن لزوم التحكم (قوله بترجيح العلة) أي المعاني (قوله لكونها أصلا) أي للمعنوية فتكون أرجح منها فلذا أسند وجودها لله وكانت مؤثرة في المعنوية (قوله قيل لهم) أي في رد ّ هذا الجواب. وحاصل هذا الرد أن التأثير إنما يكون لمن وجبت له صفات الألوهية والمعاني ليست لها هذه الصفات، وحينئذ فلا تكون مؤثرة، ثم إن هذا الرد لا يثبت التحكم حتى يكون ردّا لجوابهم بإبطاله، وإنما يبطل اثبات التأثير لغير الله ولا كلام لنا فيه، وحينئذ فجوابهم عن التحكم صحيح (قوله وإنما يصح الخ) تعليل لما قبله (قوله ولو كان الخ) أي لو قلنا أن الأصالة هي المقتضية للتأثير للزم ما ذكره الشارح (قوله وهي تستقل الخ) لأن الأعراض أوصاف للجواهر والوصف تابع للموصوف والمتبوع أصل للتابع (قوله وذلك معلوم البطلان) أي فبطل كون الأصالة مقتضية للتأثير، وثبت أن الخالق للمعاني والمعنوية هو الرب، ولكن إذا تعلقت القدرة بأحدهما لزم تعلقها بالآخر ولا يعقل تعلقها بأحدهما دون الآخر إذ هذا من المستحيل وهو لا تتعلق به القدرة، وإنما لم يكفر من قال إن المعاني أثرت في المعنوية لأنه يقول إن المعاني المؤثرة في المعنوية مخلوقة لله كما أن الله خلق قدرة