فهرس الكتاب
الصفحة 216 من 517

في نفي صفات المعاني من حيث لم يقوموا مريد لنفسه كما قالوا قادر لنفسه وعالم لنفسه، بل بإرادة فأجابوا بالفرق فقالوا إنه لو كان مريدا لنفسه كما تقول: عالم مثلا لنفسه لعم بمريديته كل ممكن، وأصلهم خروج كثير من الممكنات: كالمعاصي ونحوها عن كونها مرادة لله تعالى أن يكون في ملكه مالا يريد، وما تخيلوه في ذلك باطل إذ إرادته تعالى عامة التعلق بكل ممكن على ما يأتي برهانه وتحكمهم بأن النفسي هو الذي يعم لا يخفى فساده، وهم قد نقضوه في القادرية فإنهم زعموا أنه تعالى قادر بنفسه مع أن أفعال العباد الاختيارية غير مقدورة عندهم لله، تعالى الله عما يقول الظالمون علوّا كبيرا، وأيضا يلزمهم في حدوث الارادة التسلسل من حيث أنها حادثة تختص ّ بوجود بدلا عن العدم وزمان معين بدلا عن غيره، فتفتقر إلى ارادة حادثة كما افتقرت سائر الحوادث إليها. ثم ننقل الكلام إلى تلك الارادة، فيلزم فيها ما لزم في الأولى وهكذا أبدا، ولهذا قال مشايخنا إن كل صفة له تعالى يتوقف الفعل عليها ولا يصح ثبوته بدونها، فالقول بحدوثها يؤدي إلى التسلسل، وما أجابوا به من الهوس الذي لا يتخيله عاقل، وهو أن الارادة لا تراد كما أن الشهوة لا تشتهي ظاهر الفساد لكل ناظر، فإن الارادة الحادثة وجد فيها دليل الافتقار إلى ارادة أخرى، والدليل العقلي يستحيل وجوده بدون مدلوله والشهوة لا دليل

المعنى: يعني أنه تعالى إذا كان مريدا بارادة غير قائمة به فلا وجه لكون حكمها ثبت للذات العلية دون غيرها من الذوات فثبوت حكمها للذات العلية دون غيرها تحكم لأن نسبة الحكم لجميع من لم يقم به معناه واحدة فتخصيص ذلك الحكم بواحد دون غيره تخصيص بلا مخصص (قوله في نفي الخ) بيان لأصلهم ففي بمعنى من البيانية (قوله من حيث الخ) تعليل (قوله لعم ّ بمريديته كل ممكن) لكن التالي عندهم باطل فبطل المقدم (قوله وأصلهم الخ) تعليل للاستثنائية المحذوفة (قوله ونحوها) أي كالمكروهات (قوله في ذلك) أي الدليل وفي بمعنى من البيانية وذلك الدليل هو قولهم لو كان مريدا بنفسه لعم بمريديته كل ممكن (قوله إذ إرادته الخ) سند للبطلان والأولى إذ مريديته لأن الكلام فيها (قوله وتحكمهم) أي تمسكهم واستدلالهم على قولهم لو كان مريدا بذاته لعم بمريديته كل ممكن (قوله بأن النفسي) أي ما يرجع من الصفات إلى النفس: أي الذات كالمريدية (قوله هو الذي يعم) بخرف ما يرجع من الصفات إلى المعاني فإنه لا يعم فالكون مريدا إذا رجع للذات بأن قيل كونه مريدا لذاته فإنه يعم جميع الممكنات وإن رجع لصفة معنى بأن قيل كونه مريدا بارادة فلا يعمها (قوله وهم قد نقضوه الخ) كلام مستأنف حاصله أن ما قالوه في القادرية يعارض استدلالهم على الشرطية القائلة لو كان مريدا بنفسه لعم ّ بمريديته كل ممكن لأنهم قالوا انه تعالى قادر بنفسه وقالوا بعدم عموم القادرية لأن أفعال العباد الاختيارية غير مقدورة لله عندهم (قوله في حدوث الارادة) أي في القول به وفي بمعنى على (قوله حادثة) أي توجد بعد عدم (قوله تختص الخ) هو عين حادثة (قوله مشايخنا) أراد بهم أهل السنة (قوله ثبوته) أي الفعل (قوله من الهوس) بيان لما وهو بفتح الواو طرف من الجنون ورجل مهوّس بفتح الواو المشدّدة أصابه ذلك (قوله وهو) أي ذلك الهوس الذي أجابوا به عما لزمهم من التسلسل على قولهم بحدوث الارادة (قوله دليل الافتقار الخ) وذلك

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام