على افتقارها إلى شهوة أخرى، بل يجوز أن تشتهي وأن لا تشتهي، وقد وقع في العادة الأمران فالشهوة مما يجوز أن تتعلق بها الشهوة والارادة الحادثة مما يجب أن تتعلق بها الارادة فظهر الفرق. ثم يلزمهم أيضا قيام الحوادث بذاته تعالى إذ الارادة الحادثة وأن لم يقوموا بقيامها بذاته جل وعلا، فقد قالوا بقيام أحوالها الحادثة بذاته تعالى، ولا فرق في الدلالة على الحدوث بين تجدّد الأحوال المعنوية الحادثة على الذات وبين تجدّد معانيها، وذهب الكعبي والنجار وأتباعهما إلى إنكار هذه الصفة أصلا، وتأوّلوا كونه مريدا لما ورد السمع باطلاقه، فقال الكعبي: معناه بالنسبة إلى أفعاله أنه خالقها ومنشئها، وبالنسبة إلى أفعال عبيده أنه آمر بها. وقال النجار: معنى كونه مريدا أنه غير مغلوب ولا مستكره، وفسر الصفة الوجودية المتعلقة بصفة سلبية لا تعلق لها أصلا بغير من اتصف بها، والدليل على رد هذا المذهب هو الدليل على ثبوت كونه تعالى مريدا وقد تقدم. وأما الفلاسفة فأنكروا صفات الباري كلها قالوا ولا يتصف إلا بسلب كتسميتهم له عاقلا لذاته ومعنى عقليته لذاته عندهم
الدليل هو تخصيصها بالوجود بدلا عن العدم (قوله على افتقارها) أي على استحالة افتقارها لأن مدعاهم الاستحالة (قوله بل يجوز أن تشتهي) أي كما في المريض المنقطع الشهوة فإنه يشتهي شهوة الأكل وحيث جاز أن الشهوة تشتهي كان الحكم غير مسلم في المقيس عليه حتى يثبت في المقيس على أنه لا جامع بين المقيس والمقيس عليه فلا وجه لقياس أحدهما على الآخر حينئذ (قوله وقد وقع الخ) تعليل أو اضراب (قوله الأمران) أي اشتهاء الشهوة وعدم اشتهائها (قوله فالشهوة الخ) كالحاصل لما تقدّم (قوله فظهر الفرق) أي بين الارادة الحادثة والشهوة وحيث كان بينهما فرق فلا يصح ما ذكروه من القياس (قوله ثم يلزمهم أيضا الخ) تكرار مع قوله سابقا: أحدها تجدّد الأحوال الحادثة الخ (قوله أحوالها الحادثة) أراد بأحوالها الكون مريدا، وحينئذ فالمراد جنس أحوالها وأراد بالحادثة الثابتة في الخارج بعد عدم لا الموجودة بعد عدم هذا على القول بثبوت الأحوال وأن القدرة تؤثر فيها وعلى القول بنفيها فالحادث هو الموجود بعد عدم وكذا على القول بثبوتها وأن القدرة لا تؤثر فيها (قوله إلى انكار هذه الصفة) هي الكون مريدا، والمراد الانكار بالمعنى الذي ذكره أهل السنة وهو القصد إلى التخصيص فلا ينافي قوله بعد وتأوّلوا الخ المقتضى عدم الانكار (قوله أصلا) أي مطلقا: أي سواء قلنا أن الكون مريدا تابع للذات أو للإرادة (قوله معناه) أي الكون مريدا (قوله أفعاله) أي الله (قوله أنه آمر بها) تأويل الارادة بالأمر يقتضي أنها غيره مع أن الأمر والارادة عند المعتزلة شيء واحد فيلزم على هذا التأويل خروجهم عن أصلهم (قوله أنه الخ) تفسير باللازم (قوله وفسر) أي النجاري والأولى التفريع (قوله الوجودية) الأولى الثبوتية مثل الكون مريدا (قوله بصفة سلبية) هو قوله غير مغلوب الخ (قوله لا تعلق الخ) كعدم مضروبية زيد فانه صفة لزيد لا غيره، وأما مثل الكون مريدا فيتعلق بالغير كالأكل والشرب (قوله وقد تقدّم) أي في قول المصنف ومريدا وإلا لما اختصصت بوجود الخ (قوله صفات الباري) أي الذاتية بدليل السياق (قوله كتسميتهم الخ) وإذا كان مسمى