فهرس الكتاب
الصفحة 202 من 517

وألزم الامام أيضا على القول بالانطباع في السمع أن لا يعرف جهة الصوت وفيه نظر، وأن لا تسمع الحروف وراء الجدار، وفيه أيضا بحث، هذا ما يتعلق بالسمع والبصر على مذهب الفلاسفة وذهب أبو القاسم الكعبي وأبو الحسن البصري إلى ردّهما إلى العلم بالمبصرات والمسموعات: كالشهيد والخبير، فإنهما يرجعان إلى تعلق العلم على وجه خاص، وقد احتج الفخر على رد ّ هذه المقالة بأنا إذا علمنا شيئا، ثم أبصرنا أو سمعنا وجدنا بين الحالتين تفرقة بديهية، وذلك مما يدّل على أن الابصار والسماع مغايران للعلم، وإلى هذه الحجة أشرت في أصل العقيدة بقولي: لما يجده من الفرق الضروري الخ إلا أني فرضت تأخير العلم بالشيء عن تعلق السمع والبصر به والامام فرض العكس، ولا فرق في الحجة بين الوجهين، واعترض شرف الدين بن التلمساني هذه الحجة بأن مجرد التفرقة لا ينتج أن تكون التفرقة بينهما تفرقة نوعية، ولا أنهما نوعان خارجان عن نوع العلم وهو محل النزاع

(قوله وألزم الامام أيضا) أي ألزم الفلاسفة (قوله أيضا) أي كما ألزمهم في البصر (قوله بالانطباع في السمع) المراد بالانطباع الصدم لأن الصوت إذا خرج من المصوّت يصادم الهواء المتكيف به الهواء الراكد في الأذن فيحصل في الصماخ طنين فتشعر به القوة المدركة أو تؤديه إلى الحس المشترك فتدركه النفس (قوله أن لا يعرف جهة الصوت) لأن المعروف هو ما في الصماخ فقط وهو الطنين (قوله وفيه نظر) لأن جهة الصوت تابعة لجهة المصوت فمعرفة الأولى تابعة لمعرفة الثانية وجهة الصوت معروفة لأن الهواء وارد على الصماخ من جهته (قوله وأن لا تسمع الحروف الخ) لأن الجدار يرد الصوت عن مصادمته للهواء الراكد في الصماخ (قوله وفيه أيضا بحث) أي لأن الصوت يسمع من وراء الجدار إن كان هناك منفذ مّا فيخرج الصوت من ذلك المنفذ ويصادم الهواء الراكد في الأذن (قوله وذهب أبو القاسم الكعبي الخ) هما معتزليان (قوله إلى ردّهما) أي السمع والبصر (قوله إلى تعلق العلم) أي ذي تعلق العلم: أي للذات من حيث كونها عالمة على وجه خاص فالشهيد هو العالم بما حضر والخبير هو العالم بخفيات الأمور كما أن السميع هو العالم بالمسموعات والبصير هو العالم بالمبصرات (قوله إذا علمنا) أي بالأخبار (قوله ثم أبصرناه) أي أدركناه ببصرنا (قوله أو سمعناه) أي أدركناه بسمعنا (قوله بين الحالتين) هما الادراك بالأخبار والادراك بالسمع والبصر (قوله أن الابصار) أي الادراك بالبصر (قوله والسماع) أي الادراك بالسمع (قوله مغايران للعلم) أي وإن كان كل ادراكا: أي ويلزم من مغايرة الابصار والسماع للعلم أن يكون السمع والبصر مغايران للعلم وهو المطلوب (قوله بأن مجرد التفرقة) أي بين السمع والبصر وبين العلم (قوله لا ينتج أن تكون التفرقة بينهما) أي بين السمع والبصر وبين العلم تفرقة نوعية: أي لا ينتج أن كلا من الثلاثة نوع مستقل من الادراك وله حقيقة تباين حقيقة الآخر كما يقول أهل السنة (قوله ولا أنهما الخ) ولا ينتج أن السمع والبصر الخ (قوله عن نوع العلم) الاضافة بيانية (قوله وهو) أي خروجهما من نوع العلم (قوله محل النزاع) حاصله أن مذهب أهل السنة والامام أن كل واحد من السمع والبصر والعلم ادراك مغاير للآخر ومذهب الكعبي ومن تبعه أن العلم مطلق الادراك وهما نوعان له، واحتج الامام على مذهبه

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام