ولا مانع من رجوع التفرقة إلى كثرة المتعلقات وقلتها، فإن البصر يتعلق بالهيئات الاجتماعية ولا يتعلق العلم بذلك في حال الغيبة، ولذلك يقال ليس الخبر كالعيان، أو يقال ما المانع من رجوع التفرقة إلى اختلاف محل العلمين، فعند الرؤية حاصلا بالقلب والعين، وعند الغيبة يبقى في القلب يخلق أمثاله ويعدم من العين. وللشيخ أبي الحسن الأشعري قولان. أحدهما: أنهما ادرا كان يخالفان العلم بجنسهما مع مشاركتهما العلم في أنهما صفتان كاشفتان يتعلقان بالشيء على ما هو عليه. والقول الثاني: أنهما من جنس العلم إلا أنهما لا يتعلقان إلا بالموجود المعلوم، والعلم يتعلق بالموجود والمعدوم والمطلق والمقيد، وكلاهما مع ذلك صفتان على علمه تعالى واحتج على ذلك
بما ذكره من التفرقة فاعترض عليه بأن ّ هذه التفرقة لا تقتضي أنهما نوعان خارجان عن العلم مع أنه محل النزاع فاحتجاجه لم يوافق مدعاه (قوله ولا مانع الخ) الواو للتعليل سند لقوله أن مجرد التفرقة الخ (قوله إلى كثرة الخ) وإذا كانت التفرقة ترجع لكثرة المتعلقات وقلتها كانت تفرقة اعتبارية لا نوعية وكونها اعتبارية لا ينافي أن العلم جنس لهما (قوله المتعلقات) أي متعلقات العلم (قوله فإن البصر) أي فإن العلم المسمى بالبصر وهذا تعليل لقوله لا مانع الخ ... (قوله يتعلق الخ) وحينئذ فمتعلقاته كثيرة لأنه على سبيل التفصيل، وقوله: ولا يتعلق العلم: أي الذي لا يسمى بصرا وهو الحاصل بالأخبار، وقوله: بذلك: أي بالهيئة الاجتماعية: أي وحينئذ فمتعلقاته قليلة لأنه على سبيل الاجمال، وحيث كان الاختلاف بين العلمين المذكورين باعتبار كثرة المتعلقات وقلتها كانت التفرقة بينهما اعتبارية لا نوعية (قوله ولذلك) أي لأجل كون التفرقة لكثرة المتعلقات وقلتها (قوله ليس الخبر) أي ليس العلم الحاصل بالخبر (قوله كالعيان) أي كالعلم الحاصل بالعيان: أي المعاينة والابصار (قوله أو يقال) أي في سند قوله إن مجرد التفرقة لا ينتج الخ (قوله ما المانع الخ) وحينئذ فالتفرقة اعتبارية (قوله بالقلب) الباء بمعنى في (قوله ينفي) أي العلم (قوله بخلق أمثاله) مبني على أن العرض لا يبقى زمانين (قوله قولان) أي في شان تحقيق هاتين الصفتين (قوله بجنسهما) أي ذاتهما والاضافة للبيان (قوله كاشفتان) أي يحصل بهما كشف الشيء واتضاحه (قوله بالشيء) هو الموجود فقط بالنسبة للسمع والبصر. أما بالنسبة للعلم فيراد بالشيء ما يشمل المعدوم (قوله على ما هو عليه) أي تعلقا آتيا على الحالة التي هو متلبس بها ذلك الشيء (قوله أنهما من جنس العلم) الاضافة للبيان: أي أنهما فردان من أفراد العلم وليست حقيقتهما مباينة له (قوله إلا بالموجود) أي في خارج الأعيان (قوله المعلوم) أي المتعين المشخص في الخارج بأن لا يكون كليا كأفراد الإنسان هذا وصف كاشف (قوله والمطلق) أي الحقيقة الكلية وهذا من عطف الخاص إن أريد بالمعدوم ما لا وجود له في الخارج كان له وجود ذهنا أم لا أما إن أريد به مالا وجود له مطلقا كان من عطف المغاير (قوله والمقيد) أي الماهية الجزئية المقيدة بالتشخصات: أي الجزئيات الموجودة خارجا التي هي أفراد المطلق (قوله مع ذلك) أي مع كونهما فردين من أفراد العلم (قوله زائدتان على عدمه) أي مغايرتان له في المفهوم لا متباينتان له لأن الأفراد لا تباين الجنس (قوله واحتج) أي الأشعري (قوله على ذلك) أي على ما ذكر من القول الأوّل القائل إن حقيقة كل منهما مباينة لحقيقة العلم لأن هذا هو الذي قاله الفخر الرازي، واحتج له بما مر ّ،