فهرس الكتاب
الصفحة 200 من 517

فإن الصوت وما يتركب من الحروف والأصوات إذا صادمت الهواء الراكد في الصماخ المجاور للعصبة المفروشة في أقصى الصماخ الممدودة عليه كالجلد على الطبل حصل فيه طنين، فتشعر به القوّة المدركة المودعة في تلك العصبة على رأى أو تؤديه إلى الحس المشترك على رأى، والحس المشترك على هذا الرأي كحوض تصب فيه خمسة أنابيب، وهي الحواس الخمس، ولذا سمى مشتركا، والنفس هي المدركة بواسطته كلوح تقرؤه، ومذهب أهل السنة أن السمع والبصر إدرا كان لا يتوقفان إلا على وجود محل يقومان به، واختصاص بعض الأشياء بالإدراك في حقنا إنما هو بإجراء الله عادته بخلق ذلك فيه أو عنده، وحجتهم أن قبول المحل للإدراك نفسي له فلو اشترط فيه شرط لزم توقف الصفة النفسية على شرط وهو محال،

على هيئة الصليب وقيل على صوره دالين إحداهما في ظهر الأخرى هكذا (قوله فإن الصوت) أي البسيط وأشار للمركب بقوله وما تركب الخ فما تركب من الحروف هو صوت الإنسان كزيد قائم وما تركب من الأصوات كنعيق الغراب (قوله إذا صادمت الهواء) أي لاقته: أي لاقى الهواء المتكيف بها الهواء الراكد في الصماخ، وإنما قدّرنا ذلك لأن الصوت كيفية قائمة بالهواء فهو عرض (قوله الراكد) هو والمجاور وصفان للهواء (قوله في أقصى) أي داخل (قوله الممدودة عليه) أي على أقصى الصماخ تفسير للمفروشة الخ (قوله حصل فيه) أي في الصماخ الممدود عليه العصبة (قوله طنين) أي صوت (قوله كلوح تقرؤه) أي فكما أن الإنسان إذا نظر للوح أدرك ما فيه كذلك النفس تدرك ما في الحس المشترك (قوله ادار كان) أي صفتا ادراك: أي صفتان يحصل بهما الادراك: أي الكشف والايضاح (قوله لا يتوقفان إلا على وجود محل) أي لأنهما عرضان ولا يتوقفان على اتصال أشعة تخرج من الحدقة تتصل بالمرئي ّ ولا على انطباع صورة المرئي في الرطوبة الجليدية الكائنة في الحدقة ولا على مصادمة الهواء المتكيف باللفظ للهواء الذي في الصماخ (قوله واختصاص الخ) جواب عن سؤال وارد على أهل السنة. وحاصله حيث كانا لا يستدعيان محلا مخصوصا بل مطلق محل فلم اختصا ببعض المحلات دون بعض وما وجه تحققهما عند بعض الأمور دون بعض فقوله بعض الأشياء صادق بالمحل الذي فيه الادراك وبما هو شرط في الادراك ولذلك فرع على ذلك قوله فيه أو عنده، فالأوّل ناظر للمحل كالأذن بالنسبة للسمع والعين بالنسبة للبصر، والثاني ناظر للشرط كالمقابلة ونفي البعد جدّا بالنسبة للرؤية (قوله إنما هو الخ) فيجوز أن يخلق الله السمع في نحو اليد وتجوز الرؤية مع البعد جدّا (قوله وحجتهم) أي على أن اختصاص بعض الأشياء يكون الادراك فيه أو عنده أمر عادي (قوله أن قبول المحل) كالأذن والعين، وقوله: للإدراك: أي الذي هو السمع والبصر (قوله نفسي ّ له) إنما كان قبول الادراك نفسيا للمحل لأنه لو لم يكن نفسيا لاحتاج ذلك القبول إلى قبول آخر وهلم جرا فيؤدّي إلى محال وهو الدور أو التسلسل وهما باطلان فما أدّى إليهما وهو كون القبول ليس نفسيا للمحل باطل فثبت أن القبول أمر نفسي ّ للمحل فلا يحتاج لشرط كالمقابلة لأن ما بالذات لا يحتاج لشرط فثبت ما قلناه من أن اختصاص بعض الأشياء بأن الادراك يكون عنده أمر عادي (قوله وهو محال) أي لأن الصفة النفسية لو توقفت

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام