إن قول الرسول لا يدل ّ مالم يثبت صدقه، ولا يثبت صدقه إلا بالمعجزة، والمعجزة لا تثبت مالم يثبت كون البارئ متكلما، فإن دلالة المعجزة تتنزل منزلة قول الله تعالى لمدعي الرسالة صدقت أو أنت رسولي فما لم يثبت الكلام الصدق لله تعالى لا يكون مصدقا لرسوله، فلو أثبتنا الكلام له تعالى بالسمع لدار. قلت: قال ابن التلمساني: إنه سؤال قوي ّ وجوابه أن ّ من ادّعى أنه رسول الملك بمرأى من الملك ومسمع، وقال آية صدقي أن يغير الملك عادته المألوفة ويفعل كذا ثم قال أيها الملك إن كنت صادقا في دعواي فافعل لي ذلك على الوجه الذي التمسه فيعلم جميع الحاضرين أنه رسول وأنه صادق وإن كان فيهم من ينفي كلام النفس، ويكفي في العلم بتصديقه إيجاده الفعل الدال ّ
كونه متكلما مأخوذ من قول الرسول ودلالة قول الرسول متوقف على الصدق والصدق متوقف على المعجزة والمعجزة لا تثبت إلا بعد ثبوت كونه تعالى متكلما، وذلك لأن المعجزة تدل على أن الله تعالى قال: صدق عبدي في كل ما يبلغ عني، وحينئذ فآل الأمر إلى أن المعجزة متوقفة على كونه متكلما، وحينئذ فلا يصح اثبات كونه متكلما بالسمع المتوقف ثبوته على المعجزة المتوقفة على كونه متكلما وإلا لزم الدور. واعلم أن هذا السؤال مبني على القول بأن دلالة المعجزة على الصدق وضعية لا عقلية أو عادية (قوله إن قول الرسول) أي من ادعى أنه رسول (قوله لا يدل) أي على كونه تعالى متكلما (قوله صدقه) أي الرسول (قوله والمعجزة الخ) هذه القضية غير بينة وهي روح الايراد فلذا أثبتها بالسند فقال فإن دلالة المعجزة الخ (قوله فإن دلالة المعجزة) من اضافة الصفة للموصوف: أي فإن المعجزة الدالة: أي على الصدق (قوله فإن دلالة المعجزة الخ) الأولى فإن المعجزة تدل على أن الله قال بالفعل صدقت لأجل أن يأتي الدور إذ لا يتأتى الدور إلا بملاحظة ذلك (قوله فما لم يثبت الخ) مفرع على قوله فإن دلالة المعجزة الخ وما مصدرية ظرفية والكلام فاعل والصدق بمعنى الصادق صفة للكلام: أي فمدة عدم ثبوت الكلام الصادق لله لم يكن مصدقا لرسوله (قوله فلو أثبتنا الكلام) الأولى كونه متكلما لأن الكلام في المعنوية (قوله لدار) أي لتوقف السمع على الكلام (قوله قلت الخ) حاصله أنا لا نسلم أن المعجزة لا تثبت مالم يثبت كونه متكلما بل ثبوت المعجزة لا يتوقف على ذلك، وحينئذ قلا يلزم دور على اثبات كونه متكلما بالسمع ومما يوضح ذلك عدم توقف الصدق على كونه متكلما أن من ادعى الخ (قوله آية صدقي) أي على أنه أرسلني لكم وقال لي قل لهم افعلوا كذا وكذا (قوله أن يغير الخ) كأن يقوم من مكانه ويجلس في مكان آخر (قوله ففعل الخ) أي ولا شك أن هذا الفعل من الملك يدل على صدق ذلك الشخص في دعواه أنه رسوله وإن لم يحصل من الملك تكلم أصلا (قوله التمسه) الأولى طلبه (قوله فيعلم الخ) خبر ان من قوله إن من ادعى والمناسب اسقاط الفاء والتعبير بقد والفعل الماضي (قوله وإن كان فيهم الخ) أي وإن كان في الحاضرين من ينفي كلام النفس: أي عن الملك وقيد بذلك نظرا لكون الموضوع في كلام البارئ وإلا كان المناسب أن يقول وإن كان فيهم من ينفي الكلام عنه أصلا بأن كان أبكم أو يقول وإن لم يحصل منه تكلم أصلا بدل قول وإن كان الخ (قوله ويكفي في العلم الخ) هذا