فهرس الكتاب
الصفحة 194 من 517

أن الاتصاف بهاتين الصفتين لا يتوقف عقلا على الاتصالات الجسمانية ودل ّ التصريح بهما على أنهما صفتا كمال وجب اعتقاد ما دلت عليه الآية، ولا محوج للتأويل (1) لا عقلا ولا سمعا، وحمل اللفظ على احتماله البعيد مجاز وشرطه القرينة، ومع عدمها لا يجوز المصير إليه لما فيه من إثبات المشروط بدون شرطه، فتعين البقاء مع تلك الظواهر، وهكذا القول في جميع ما ورد من أحكام الآخرة متى كان ظاهره جائزا وجب اعتقاده إلا أن يدل ّ دليل على امتناعه. وأما دليل كونه تعالى متكلما من السمع، فقال الامام الفخر: أجمع الأنبياء والرسل على كونه تعالى متكلما. قال ابن التلمساني: وقد أجمع المسلمون أيضا على ذلك على الجملة في تفسير الكلام فإن قيل يرد على اثبات كونه جل وعلا متكلما بطريق السمع أن يقال

المقام (قوله لا يتوقف عقلا الخ) أي وأما العادة فتقضى توقف الاتصاف بهاتين الصفتين على الاتصالات الجسمانية ومرجع الاتصالات الجسمانية في البصر إلى الانطباع الشعاع المنبعث في الحدقة في المرئي ّ وعدم قرب المرئي ّ جدّا من الحدقة وعدم بعده جدّا منها ومرجع الاتصالات الجسمانية في السمع إلى قرب الهواء المتكيف بالصوت لمحل السمع وهو الصماخ (قوله الجسمانية) نسبة إلى الجسمان، بضم الجيم بمعنى الجسم (قوله ولا محوج الخ) فيه أن ما تقدّم ينتج عدم الصحة لا عدم الحاجة إليه فالأولى فلا صحة للتأويل: أي تأويل السميع بالعالم بالمسموعات والبصير بالعالم بالمبصرات (قوله لا عقلا) راجع لقوله ثبت الخ، وقوله وسمعا راجع لقوله ودل الخ: أي لا محوج للتأويل من جهة العقل لما ثبت الخ ولا من جهة السمع لدلالة التصريح الخ (قوله وحمل الخ) أي فهذا التأويل باطل لما فيه من اثبات المشروط وهو المجاز بدون شرطه وهو القرينة لا أنه غير محتاج إليه مع كونه صحيحا في ذاته كما أفهمه قوله ولا محوج الخ (قوله وهكذا الخ) أتى به الشارح لكمال الفائدة (قوله جائزا) أي عقلا كرؤية الله للمؤمنين في الآخرة (قوله إلا أن يدل دليل) أي عقلي وهذا استثناء منقطع لأن ما قبله في الجائز: أي لكن إن دل الخ (قوله أجمع الأنبياء والرسل) أما اجماع الرسل فلأن كل رسول كان يخبر قومه بأن الله متكلم، وأما اجماع الأنبياء فإنهم وإن كانوا غير مأمورين بالتبليغ إلا أنهم قد يخبرون الناس بذلك تبرعا منهم أو أن اجماع الأنبياء مستفاد من قول الرسل أن الأنبياء أجمعوا على ذلك (قوله وقد أجمع المسلمون أيضا) لما وقع الخلاف بين المسلمين في تفسير الكلام ربما يتوهم أن بعضهم لم يقل به فأتى بهذا دفعا لهذا التوهم فاندفع ما يقال اجماع الرسل منسحب على المسلمين فلا حاجة لقوله وقد أجمع المسلمون أيضا واقتصر الشارح في الاستدلال على الكلام بالإجماع فقط مع أن في الكتاب والسنة ما يدل لذلك أيضا كقوله تعالى - وكلم الله موسى تكليما - لأن الخصم لا سبيل له في الخدش في الاجماع بخلاف غيره فإنه يؤوّله (قوله على الجملة) إنما أتى بذلك لأجل قوله بعد ذلك وإن اختلفوا الخ (قوله وإن اختلفوا الخ) فقيل متكلم بكلام نفسي ّ قديم وهو مذهب أهل السنة وقيل بألفاظ قديمة، وقيل بألفاظ حادثة، وقيل معنى كونه متكلما أنه خالق للكلام (قوله في تفسير الكلام) الأولى في تفسير الكلام) الأولى في تفسير كونه متكلما لأن الكلام فيه (قوله فإن قيل الخ) حاصله أن

(1) وقوله: ولا محوج للتأويل: أي تأويل السمع بالعالم بالمسموعات والبصير بالعالم بالمبصرات

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام