فهرس الكتاب
الصفحة 171 من 517

لا يوجد فعلا أصلا لا في حق نفسه ولا في حق غيره، وإنما الموجد للذات الحادثة وجميع أفعالها عموما هو الله جل وعلا، وسيأتي برهان ذلك في فعل خلق الأعمال، فالفعل إنما يستدل باختصاصه بما اختص به من الجائزات على أن فاعله الموجد له، وهو الله جل وعلا مريد لا على أن فاعله الذي قام به الفعل وأوجده الله تعالى فيه، وهو الفاعل منا مريد لأنا لا توجد شيئا من أفعالنا، بل الله جل وعلا يوجدها فينا إلا أنه تارة يوجدها سبحانه ويوجد معها صفة تسمى قدرة نحس ّ بها تيسر ذلك الفعل لنا، ولا تأثير لهذه القدرة في الفعل أصلا، بل هي مثله فعل الله جل ّ وعلا خلق مقارنا له، وفي هذه الحالة التي يخلق الله جل وعلا مع الفعل قدرة مقارنة يسمى العبد في الاصطلاح مختارا ومكتسبا وفاعلا، وإلا يسمى مضطرا ومجبورا، ثم قد يخلق الله سبحانه مع هذين الفعلين، وهما القدرة والمقدور علما للعبد واردة لما خلق فيه وتارة لا يخلق له ذلك كما أنه تعالى مع إفراده الفعل بالخلق دون القدرة قد يخلق للعبد شعورا بذلك وقد لا. وبالجملة فالذوات كالظروف للأفعال المخلوقة فيها يخلق الله تعالى

بالإرادة إنما هو بالنسبة للمختار الموجد للفعل لأنه الذي خصص الفعل بالوجود (قوله لا يوجد فعلا) أي حتى يكون مخصصا له بالوجود (قوله عموما) أي اختيارية أو اضطرارية (قوله هو الخ) أي وحينئذ فيكون هو المخصص لها بالوجود دون غيره (قوله من الجائزات) أي المتقابلة (قوله مريد) لأنه قد خصصه بالوجود، والتخصيص إنما هو بالإرادة (قوله وأوجده) أي أوجد ذلك الفعل (قوله لأنا لا نوجد الخ) علة لقوله: لا على أن فاعله الخ: أي إنما كان الفعل لا يدل ّ على أن الفاعل الذي قام الفعل به مريد لما استفيد مما تقدّم أنا لا توجد شيئا من أفعالنا والتخصيص إنما هو بالإرادة، فحيث انتفى التخصيص انتفت الإرادة، فقوله: لأنا لا توجد الخ مستفاد مما سبق، وأتى به الشارح علة لقوله: لا على أن فاعله الخ (قوله ويوجد معها صفة الخ) فالله يخلق الفعل والقدرة مقترنين زمانا مرتبين تعقلا (قوله تحسن بها) أي تدرك بسببها (قوله بل هي) أي القدرة (قوله مثله) بالنصب حال: أي والقدرة حال كونها مثل الفعل، وقوله: فعل الله: أي مفعولة له، وبالرفع خبر هي، وقوله: فعل الله يدل منه: أي إن القدرة مماثلة للفعل في أن كلا منهما فعل الله (قوله خلق) أي ذلك الفعل بمعنى القدرة، وقوله: مقارنا له: أي للفعل بمعنى المقدور (قوله وفي هذه الحالة) أي حالة وجود القدرة المقارنة للفعل (قوله التي يخلق) أي التي هي أن يخلق (قوله قدرة) أي قائمة بالعبد (قوله وإلا) أي وإلا بأن خلق الفعل مجردا عن قدرة حادثة كما إذا سقط شخص من علو ّ إلى سفل، فقد خلق الله الفعل وهو الحركة وهو الحركة دون قدرة (قوله الفعلين) أي المفعولين (قوله وتارة لا يخلق له ذلك) أي بل يخلق فعلا وقدرة بدون علم وإرادة كالنا كش في الأرض بعود، والحال أنه ذاهل عن ذلك النكش لتفكره في شيء آخر (قوله مع إفراده الفعل بالخلق دون القدرة قد يخلق الخ) وذلك كحركة المرتعش، فإن الفعل قد وجد بدون قدرة مع الشعور بتلك الحركة، وقوله: وقد لا: أي وقد لا يخلق، وذلك كحركة النائم الساقط من علو ّ إلى سفل (قوله للأفعال) مرتبط بالذوات، وقوله: المخلوقة فيها صفة للأفعال وضمير فيها للذوات: أي فالذوات بالنسبة للأفعال المخلوقة فيها كالظروف بالنسبة لما

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام