قال المصنف - يرحمه الله: (فَإِنْ قَالَ: أَنَا لاَ أَعْبُدُ إِلاَّ اللَّهَ، وَهَذَا الالْتِجَاءُ إِلَيْهِمْ وَدُعَاؤُهُمْ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ)
هذه شبهة أخرى، وهي الشبهة الرابعة، وحقيقتها: الجهل بحقيقة العبادة؛ ولذا لم يُجْعل دعاء الصالحين والالتجاء إِلَيْهِمْ: عبادة!.
قال المصنف - يرحمه الله: (فَقُلْ لَهُ: أَنْتَ تُقِرُّ أَنَ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْكَ إِخْلاَصَ الْعِبَادَةِ وَهُوَ حَقُّهُ عَلَيْكَ. فَإِذَا قَالَ: نَعَمْ. فَقُلْ لَهُ: بَيِّنْ لِي هَذَا الَّذِي فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَهُوَ إِخْلاَصُ الْعِبَادَةِ، وَهُوَ حَقُّهُ عَلَيْكَ؛ فَإِنَّهُ لاَ يَعْرِفُ الْعِبَادَةَ، وَلاَ أنْوَاعَهَا. فَبَيِّنْهَا لَهُ بِقَوْلِكَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [1] . فَإِذَا أَعْلَمتهُ بِهَذَا فَقُلْ لَهُ: هَلْ هُوَ عِبَادَةٌ للَّهِ - تَعَالَى -؟ فَلاَبُدَّ أن يَقُولَ: نَعَمْ، وَالدُّعَاءُ مِنَ الْعِبَادَةِ. فَقُلْ لَهُ: إِذَا أقْرَرْتَ أَنَّهَا عِبَادَةٌ، وَدَعَوْتَ اللَّهَ لَيْلاً وَنَهَاراً، خَوْفًا وَطَمَعاً، ثُمَّ دَعَوْتَ فِي تِلْكَ الْحَاجَةِ نَبِيًّا، أَوْ غَيْرَهُ، هَلْ أَشْرَكْتَ في عِبَادَةِ اللَّهِ غَيْرَهُ؟ فَلاَبُدَّ أن يَقُولَ: نَعَمْ. فَقُلْ لَهُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَصَلِّ لِربكَ وَانْحَرْ} [2] ، فَإِذَا أَطَعْتَ اللَّهَ، وَنَحَرْتَ لَهُ، هَلْ هَذِهِ عِبَادَةٌ؟ فَلاَبُدَّ أن يَقُولَ: نَعَمْ. فَقُلْ لَهُ: إِذَا نَحَرْتَ لمخُلُوقٍ: نَبِيٍّ أَوْ جِنِّيٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا، هَلْ أَشْرَكْتَ فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ غَيْرَ اللَّهِ؟ فَلاَبُدَّ أن يَقُولَ: نَعَمْ. وَقُلْ لَهُ - أَيْضاً: الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهُم الْقُرْآَنُ هَلْ كَانُوا
(1) سورة الأعراف الآية] 55[.
(2) سورة الْكوثر الآية]2 [.