إنما جعل الأمر مُتَعَلِّقاً بالتوحيد؛ لأنه هو اللب والأصل والأساس فمن عاداه عادى الشرائع.
الثانية:
في قوله: (عُلُومٌ كَثِيرَةٌ وَحُجَجٌ، كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون} [1]
أَيْ: أن أهل الباطل عندهم علوم كثيرة وحجج يتخذونها لتقرير باطلهم ودحض الحق، وحقيقة هذه العلوم جهالات محضة أو مركبة، كما يقوله ابن القيم - يرحمه الله -، فليس ثَمَّ حجة تدفع الحق الذي جاءت به الرسل، وليس ثَمَّ بَيِّنَة تَدْحض الذي أنزله الله في كتبه وجاءت به رسله؛ ولذلك يقول مجاهد بن جبر - يرحمه الله - فيما أخرجه عنه ابن أبي حاتم في [تفسيره] : (ليس عند المشركين إلا شبهات وجهالات) وهذا حق معلوم.
فقول المصنف - يرحمه الله - (علوم كثيرة وحجج) يعني هي حجج عند الْمُدلي بها، وهي علم عند القائل بها، وأما كونها علماً وحجة في نفسها فهذا غير صحيح؛ ولذلك يقول البغوي في [تفسيره] عند قوله - سبحانه وتعالى - {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون} [2] قال:
(1) سورة غافر الآية] 83 [.
(2) سورة غافر الآية (83) .