قال المصنف - يرحمه الله: (فَإِذَا عَرَفْتَ أَنَّ جُهَّالَ الْكُفَّارِ يَعْرِفُونَ ذَلِكَ فَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَدَّعِي الإِسْلاَمَ وَهُوَ لا يَعُرِفُ مِنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مَا عَرَف جُهَّالُ الْكُفَّارِ، بَلْ يَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ التَّلَفُّظُ بِحُرُوفِهَا مِنْ غَيْرِ اعْتِقَادِ الْقَلْبِ لِشَيءٍ مِنَ الْمَعَانِي، وَالْحَاذِقُ مِنْهُمْ يَظُنُّ أَنَّ مَعْنَاهَا: لا يَخْلقُ، وَلا يَرْزُقُ، وَلا يُدَبِّرُ إِلاَّ اللَّهُ. فَلا خَيْرَ فِي رَجُلٍ جُهَّالُ الْكُفَّارِ أعْلَمُ مِنْهُ بِمَعَاني 'لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ') .
أراد المصنف - يرحمه الله - بعد تبيانه أن الكفار إِبَّان بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا عالمين بـ (لا إله إلا الله) ، أن يُقرِّر أن أكثر الناس في زمنه لا يعرفون ما يعرفه أولئك الكفار، وإنما يظنون أنها كلمة يلفظونها بألسنتهم، ويقولونها من أفواههم ولا يدرون ما وراءها من المعاني، ولذلك قال قولته الشهيرة: (فلا خير في رجل جهال الكفار أعلم منه بمعاني: لا إله إلا الله) .
وما أكثر الناس الذين لا يعرفون معنى (لا إله إلا الله) وتجدهم يعرفون أموراً كثيرة من الدنيا لا تحسب أن أحداً يحيط بها علماً وما ذلك إلا من تمام الجهل والضلال.
يعني من العلم بها نفياً وإثباتاً
قوله: (بَلْ يَظُنُ أَنَّ ذَلِكَ)
(يظن) أَيْ: يتيقن؛ لأن الظن يأتي بمعنى الرجحان ويأتي بمعنى اليقين.