أما الثاني:
فهو العلم النافع بأن تعرف التوحيد بأدلته ودلائله، وأن تتلو أدلته من القرآن والسنة متفهماً متدبراً، فإن ذلك أدعى إِلى رسوب التوحيد وبقائه في فؤادك قوياً.
قوله: (فَلا تَخَفْ، وَلاَ تَحْزَنْ {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [1]
أَيْ: لا تخف على ذهاب التوحيد، ولا تحزن إن أتتك شبهات وجهالات من أهل الباطل الذين هم أعداء للتوحيد.
فإن الخوف من ذلك والحزن على ذهاب التوحيد لا يأتي الإنسان المؤمن إن استمسك بالشيئين السابقين.
ثم دلل على تضعيف شبهات أولئك وجهالاتهم التي يخشى أن تدخل القلب بقول الله - سبحانه وتعالى - {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} ، (إن كيد) يقول البغوي: (أَيْ: مكر) ، والمكر هو إيصال المكروه إِلى الغير بطريق خفي؛ كما قاله ابن تيمية، وكذا غيره. (كان ضعيفاً) فيه تأكيد على أن كيد الشيطان ضعيف من جهتين:
· أما الجهة الأولى: فهو بـ (إنَّ) المؤكدة.
· وأما الجهة الثانية: فهي جملة خبرية دخلت في هذه الجملة المؤكدة فزادتها تأكيداً، وهي قول الله - عز وجل - (كان ضعيفاً) .
وأشار بعض أهل اللُّغَة إِلى أن قوله (كان) : فعل ماض يَتَعَلَّق
(1) سورة النساء الآية] 76 [.