فهرس الكتاب
الصفحة 65 من 239

قال المصنف - يرحمه الله: (وَهَذَا التَّوُحِيدُ هُوَ مَعْنَى قَوْلِكَ:(لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) ؛ فَإِنَّ الإِلَهَ عِنْدَهُمْ هُوَ الَّذِي يُقْصَدُ لأَجْلِ هَذِهِ الأُمُورِ، سَوَاءً كَانَ مَلَكًا، أَوْ نَبِيًّا، أَوْ وَلِيَّا، أَوْ شَجَرَةً، أَوْ قَبْرًا، أَوْ جِنِّيًّا، لَمْ يُرِيدُوا أنَّ (الإِلَهَ) هُوَ الْخَالِقُ الرَّازقُ الْمُدبِّرُ، فَإِنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أنَّ ذلِكَ لِلَّهِ وَحْدَهُ كَمَا قَدَّمْتُ لَكَ، وَإِنَّمَا يَعْنُونَ بِـ (الإِلَهِ) مَا يَعْنِي الْمُشْرِكُونَ فِي زَمَانِنَا بِلَفْظِ (السَّيِّدِ) ، فَأَتَاهُم النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُوهُمْ إِلَى كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ، وَهِي (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) . والْمرَادُ مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مَعْنَاهَا لاَ مُجَرَّدُ لَفْظِهَا. وَالْكُفَّارُ الْجُهَّالُ يَعْلَمُونَ أَنَّ مُرَادَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ هُوَ إِفْرَادُ اللَّهِ - تَعَالَى - بِالتَعَلُّقِ، وَالْكُفْرُ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِهِ، وَالْبَرَاءَةُ مِنْهُ؛ فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ لَهُمْ: (قُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) [1] قَالُوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [2]

قوله:(وهذا التوحيد هو معنى قولك: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ)

لا إله إلا الله هي كلمة التوحيد تشتمل على نفي وإثبات، أما النفي فهو في قولك: لا إله، وأما الإثبات فهو في قولك: إلا الله، والمعنى: لا

(1) روى الترمذي ( ... عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَرِضَ أَبُو طَالِبٍ فَجَاءَتْهُ قُرَيْشٌ، وَجَاءَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَ أَبِي طَالِبٍ مَجْلِسُ رَجُلٍ، فَقَامَ أَبُو جَهْلٍ كَيْ يَمْنَعَهُ، وَشَكَوْهُ إِلَى أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي مَا تُرِيدُ مِنْ قَوْمِكَ؟ قَالَ: إِنِّي أُرِيدُ مِنْهُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً تَدِينُ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ وَتُؤَدِّي إِلَيْهِمُ الْعَجَمُ الْجِزْيَةَ، قَالَ: كَلِمَةً وَاحِدَةً! قَالَ: كَلِمَةً وَاحِدَةً، قَالَ: يَا عَمِّ قُولُوا لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَقَالُوا إِلَهًا وَاحِدًا مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاقٌ قَالَ فَنَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ] ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ [إِلَى قَوْلِهِ] مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاقٌ) .

(2) سورة ص] 5 [.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام