اللّه الملائكة بدعائهم، وذكر علتين لذلك:
أما العلة الأولى:
فَهِيَ لأجل صلاح الملائكة، وهذه علة أفسدت كثيراً من الناس.
وأما العلة الثانية:
فَهِيَ قرب أولئك الملائكة من اللّه - جل وعلا -، وقد سبق تبيان المقصود من القُرْب.
أَيْ: إنما اتخذوهم ودعوهم لأجل الشفاعة، فهم يعلمون أن النافع الضار الْمُحْيِي المميت الرازق هو اللّه - سبحانه وتعالى -، ولكن جعلوا هناك من يشفع لهم ويستعطف الرب عليهم، حتى تُقْضَى حوائجهم، فَشَبَّهوا اللّه بملوك الأرض الذين يحتاج إلى وسائط بينَهم وبين الناس حتى يُسْتَعْطَفُوا وَمِنْ ثَمَّ ينال الناس حوائجهم.
قوله: (أَوْ يَدْعُو رَجُلاً صَالِحاً مِثْلَ اللاَّتِ)
اللات: مأخوذ من قولهم: لَتَّ يَلِتُّ، وقد سبق بيانه في شرح [كتاب التوحيد] [1] ، إلا أن اللات اسم فاعل، يقول ابن عباس
(1) وهذا مقتبس من هناك: (هذه أسماء آلهة عند المشركين، فأما(اللات) ـ بتخفيف التاء وتثقيلها كما في قراءة ـ فصخرة عظيمة بيضاء منقوش عليها بيت في الطائف له أستار وسدنة، وحوله فناء معظَّم عند أهل الطائف. قاله ابن كثير في [تفسيره] ـ وأصله عند البخاري ـ أن (اللاتّ) ـ بالتثقيل ـ رجلٌ كان يَلُتَّ السويق للحاج، فلما مات عكفوا على قبره. وكانت اللات لثقيف، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المغيرة بن شعبة؛ فهدمها وحرَّقها بالنار).