إنما قيد الملَك بالمقرب والنبي بالمرسل لأن القيدين السابقين يوجبان مزيد نعت وخصوصية، إذ الملائكة نوعان من حَيْثُ القرب والبعد؛ فهناك ملائكة مقربون لله - سبحانه وتعالى - كجبريل رسول الوحي، وهناك ملائكة غير مقربين للّه - سبحانه وتعالى - ومن ذلك - على ما قيل - هاروت وماروت، ومن ذلك الملَكان اللذان يكتبان صحائف الأعمال فليسا مقربين لله كتقربة جبريل - عليه السلام - إِلى اللّه - سبحانه وتعالى - وهذا معلوم في جنس الخلق، فالرسل أعلى مرتبة من غيرهم، وهكذا، فهم طبقات من حَيْثُ القرب والبعد من اللّه - سبحانه وتعالى - ولذلك قال (لِملَك مقرب) فَإِذَا كانت العبادة غير صالحة لملك مُقَرَّبٍ فغيره من باب أولى.
(ولا لنبي مرسل) قيد النبي بالرسالة: سبق أن الرسالة أخص من النبوة؛ لأن كل رسول نبي ولابد، وليس كل نبي رسولاً، فَإِذَا كان نبياً ورسولاً وقد نُفِيَتْ عنه استحقاق العبادة فغيره من مطلق الأنبياء أولى.
فَإِذَا نفيت استحقاق العبادة عن هذين الصنفين: عن الملائكة المقربين وعن النبيين المرسلين فمن باب أولى نفيه عن جميع الخلق؛ لأن ذينك الجنسين أقرب إلى الحق من غيرهما ولذلك قال المصنف: (فضلاً عن غيرهما) .