فللقلب قولٌ وهو التصديق، وله عملٌ كالمحبة والرضا والسخط وما إِلى ذلك، وكذلك الحال مع اللسان والجوارح الظاهرة، فلابد من تخليص هذه الثلاثة، وما يَتْبَعُهَا من أقوال وأعمال من الشرك، وكونها على التوحيد الحق؛ ولذلك قال: (فإن اختلَّ شيء من هذا لم يكن الرجل مسلماً) فلابد من اجتماع العلم مع العمل، ولابد من اجتماع قول وعمل القلب مع قول اللسان، وعمل الجوارح.
ثم ضرب المصنف - يرحمه الله - أمثلة على من كان مُقِرًّا مُعْتَقِداً صحة ما جاء به النبيون، ولكن عاند واستكبر فلم يَنْقَدْ لهم بجوارحه ولا بلسانه، ومَثّلَ على ذلك بالمعاند المستكبر فرعون وإبليس ومن مشى مشيهما، فإن (إبليس) أبى واستكبر عن الحق مع علمه ومعرفته به، وإقراره به [1] ، وكذلك الحال مع فرعون [2] .
أَيْ: المسكين في باب الاعتقاد. وقوله: (غالب أئمة الكفر) : من أئمة الكفر بل إمامه إبليس - لعنه الله -، وكذا فرعون، ومن حذا حذوهما. وقوله: (إلا لشيء من الأعذار) أَيْ: عندهم؛ من أعذارهم: الكبر، من أعذارهم: أن الله لم يجعل النبي منهم كما
(1) قال الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ} سورة البقرة الآية (34) .
(2) قال تعالى {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ، وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} سورة النمل الآية (13 و 14)