أَعْظَمِ شُبَهِهِمْ)
فيه دلالة على عظيم هذه الشُّبْهَة عند القوم، وأنهم يحاجون بها ويكثرون من استعمالاتها كما جاء ذلك في بعض رسائل المصنف - يرحمه الله -. وفي قوله: (فاصغ سمعك لجوابها) فيه إشارة إِلى ما سيأتي من جواب وأنه يحتاج إِلى مزيد إصغاء وتدبر.
قوله: (وَهِي أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ لاَ يَشْهَدُونَ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَيُكّذِّبُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَيُنْكِرُونَ الْبَعْثَ، وَيُكَذَّبوْنَ الْقُرْآنَ، وَيَجْعَلُونَهُ سِحْرًا. وَنَحْنُ نَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَنُصَدِّقُ الْقُرْآنَ، ونُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ، وَنُصَلِّي، وَنَصُومُ، فكَيْفَ تَجْعَلُونَنَا مِثْلَ أولئِكَ؟)
فيه ذكر للشبهة التي استدلوا بها، وحقيقتها: التفريق بين بعض الدين وبعض، وأن الكفر لا يكون إلا إِذَا وقع في جميع أصول الديانة، وأما إِذَا وقع في بعض أصول الديانة فلا يكون شركاً مخرجاً من الملة موجباً لصاحبه ما أوجبه الإمام في رسالته.
وشبهتهم مبنية على شيئين اثنين:
أما الأول:
فالجهل بحقيقة الكفر، وأنه ليس إلا كفراً يَتَعَلَّق بأصول الديانة والإسلام لا في بعض أموره وجزئياته.
وأما الثاني:
فهو أنَّ مَنْ قَبِلَ بعضاً من الدين، وأنكر بعضاً لا يكون كافراً عندهم.