القولة كانوا جهالاً؛ ومِنْ ثَمَّ وقع ما وقع فلا يَكْفُرون لجهلهم، وقد حَكى جمعٌ العذر بالجهل خصوصاً لمن كان حديث عهد بإسلام، ومن سأل النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك السؤال كانوا حدثاء عهد بإسلام، وممن حَكى الإجماع على ذلك ابن عبد البر - يرحمه الله - كما في [التمهيد] وكذا النووي في [المجموع] والموفق في [المغني] وشيخ الإسلام في مواضع من كتبه.
قوله - يرحمه الله: (وَهَذَا هُوَ الْمَطْلُوبُ)
أَيْ: هذا الذي نحن نطلبه من الاستدلال على أن من أوقع شركاً ولو كان يتشهد الشهادتين ويصلي ويصوم ولو نال صحبة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فإنه كافر.
قال المصنف - يرحمه الله: (وَلَكِنْ هَذِهِ الْقِصَّةُ تُفِيدُ: أَنَّ الْمُسْلِمَ - بَل الْعَالِمَ - قَدْ يَقَعُ فِي أَنْوَاعِ مِنْ الشِّرْكِ - لاَ يَدْرِي عَنْهَا. فَتُفِيدُ التَّعْلِيمَ وَالتَّحَرُّزَ، وَمَعْرِفَةَ أَنَّ قَوْلَ الْجَاهِلِ:(التَّوْحِيدُ فَهِمْنَاهُ) أَنَّ هَذَا مِنْ أكْبَرِ الْجَهْلِ، وَمكَائِدِ الشَّيْطَانِ. وَتُفِيدُ - أَيْضاً - أنَّ الْمُسْلِمَ الْمُجْتَهِدَ الَّذِي إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلاَمِ الْكُفْرِ - وَهُوَ لاَ يَدْرِي - فَنُبِّهَ عَلَى ذَلِكَ، وَتَابَ مِنْ سَاعَتِهِ أَنَّهُ لاَ يَكْفُرُ، كَمَا فَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَالَّذِينَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَتُفِيدُ - أَيْضاً - أنَّهُ لَوْ لَمْ يَكْفُرْ فَإِنَّهُ يُغَلَّظُ عَلَيْهِ الْكَلاَمُ تَغْلِيظاً شَدِيدًا، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -)