النبي - صلى الله عليه وسلم - جملة شريعته تختلف عن جملة شرائع الأنبياء والرسل السابقة لكن قد يحمل على مجمل العقائد الصحيحة.
(دين أبيهم) أَيْ: مِلَّة وشريعة وطريقة أبيهم إبراهيم، وهى أنه كان مسلماً للّه حنيفاً و لم يك من المشركين، مع أن إبراهيم - عليه السلام - شريعته ليست كشريعة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجملة، فالشرائع متباينة إلا أن جنس التنسك والعبادة وما إِلى ذلك صحيح، وهذا يدخل في باب الاعتقاد والتقرب بتمحيض وتجريد التوحيد للّه - سبحانه وتعالى -.
قوله: (دِينَ أبِيهِمْ إِبْرَاهِيمَ -، وَيُخْبِرُهُمْ أنَّ هَذَا التقَرُّبَ وَالاعْتِقَادَ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ - تَعَالى -)
كلمة (محض) معناها كما يقول ابن فارس في [المقاييس] هي: (خلوص الشَّيْء) ، يقول: (الميم والحاء والضاد أصل صحيح واحد يدل على خلوص الشَّيْء) ، يعني عدم وجود شَيْء يَتَعَلَّق به فكان خالصاً من غيره ليس إلا هو، وهذا هو معنى (المحض) ولذلك يقال: (هذا لبن ممحض) يعني مجرد من غيره فليس عليه أَي شائبة، والمقصود هنا أن باب العبادة وتوحيد العبادة وما إِلى ذلك إنما ذلك محض حق للّه لا يشركه فيه أحد من الخلق أَوْ غيره البتة.
قوله: (لا يَصْلُحُ مِنْهُ شَيْءٌ لِغَيْرِهِ)
أَيْ: فلا يصرف شَيْء من ذلك لغير اللّه - سبحانه وتعالى -، وأشار المصنف أنه إن صُرِفَ فغير صالح لمن انصرف إِلَيْهِ اَلشَّيْء، ذلك أن العبادة