من الناس نكصوا وادّعوا لعليّ - رضي الله عنه - النبوة والإلهية وثبت ذلك في [صحيح البخاري] من حديث عكرمة عن ابن عباس [1] رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا، وفيه دلالة أنَّ كفرهم كان يَتَعَلَّق برفع مرتبة علي - رضي الله عنه - إِلى مرتبة الإلهية أَوْ إِلى مرتبة النبوة مع كونهم كانوا يظهرون الصلاة وذكر الله ويقولون الشهادتين وما إِلى ذلك فاستحلّ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - دماءهم وأموالهم بل أحرقهم حرقاً فشق لهم الأخاديد وملأها حطباً وأضرم ناراً ثم ألقى جثمان أولئك في النار، فلما بلغ ابن عباس رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا قال ''لو كنت أنا لما أحرقتهم؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يعذب بعذاب الله - يعني بالنار -، وإنما هم من أهل الرِّدّة، ومن بَدَّل دِينَه يُقْتَل''.
والمقصود أن الجميع متفق أنهم أهل ردة، وإنما اخْتَلَفَت كلمتهم في كيفية قتلهم، واستُحِلَّت دماؤهم وأموالهم، وفي هذا دلالة أن من أظهر كفراً في بعض الأمور ولو كان يتشهد الشهادتين ويصلي ويصوم، ولو كان من الذاكرين الله كثيراً: فإن ذلك محبطٌ عَمَلَه، ومؤذن بكفره وشركه، ويكون من أهل النار إن مات على ذلك - عياذاً بالله -.
أَيْ: من الْمُتَشَيِّعين له.
(1) روى البخاري ( ... أُتِيَ عَلِيٌّ - رضي الله عنه - بِزَنَادِقَةٍ فَأَحْرَقَهُمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحْرِقْهُمْ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ وَلَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) .