وأما الإطلاق الثَّاني:
فإطلاق خاص، وهى عبودية الإيمان التي بها يدخل الإنسان إِلى رضوان الرحمن في اعتناق التوحيد وطاعة اللّه - سبحانه وتعالى -، فهذا المعنى خاص، والمعنى الأول عام، والمقصود منهما في قوله: (وعباده) هو المعنى العام.
أَيْ: أول الرسل، لا أول النبيين - على التفريق بينهما -، فأول النبيين - الذين يُعنى بهم الإيحاء إِلَيْهِمْ - هو آدم - عليه السلام -، وأما أول الرسل فهو نوح - عليه السلام - ويدل على ذلك أدلة:
منها:
ما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة الطويل في الشفاعة وفيه ( ... أتوا إِلى نوح فقالوا: يا نوح؛ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى الأَرْضِ ... ) [1] ، وهذا فيه دلالة واضحة صريحة أنه أول الرسل إِلى أهل الأرض.
واختار جماعة كالحافظ ابن حجر - يرحمه اللّه - في [فتح الباري] وكذا غيره: أن نوحاً ليس أول الرسل، وجزموا بذلك، وحاصل أدلتهم ترجع إِلى حديث أبي ذر الذي أخرجه ابن مردويه في [تفسيره] وفيه تعداد النبيين، وذكر عددهم، وذكر أن آدم أول
(1) هذه رواية الشيخين واللفظ لمسلم ( ... فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ يَا نُوحُ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى الأَرْضِ وَسَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ أَلا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا ... )