3 -وقيل: الجماعة هم جماعة أهل الإسلام إذا أجمعوا على أمر من أمور الشرع. (أي أهل الإجماع إذا أجمعوا على مسألة أو حكم سواء كان في الشرع أو الاعتقاد. وهذا القول مأخوذ من الحديث:"لا تجتمع أمتي على ضلالة" [1] .
يقول ابن حجر تعليقا على قول البخاري -وهم أهل العلم: (والمراد بالجماعة أهل الحل ... والعقد من كل عصر. وقال الكرماني: مقتضى الأمر بلزوم الجماعة أنه يلزم المكلف متابعة ما أجمع عليه المجتهدون، وهو المراد بقوله -وهم أهل العلم- والآية التي ترجم لها(أي البخاري) ، احتج بها أهل الأصول لكون الإجماع حجة، لأنهم عدلوا بقوله -تعالى-: (جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) . أي عدولا. ومقتضى ذلك أنهم عصموا من الخطأ فيما أجمعوا عليه قولا وفعلا) [2] ا. ه. ... وهذا القول راجع إلى القول الثاني.
4 -وقيل: هم السواد الأعظم. وعليه تحمل رواية (وهم السواد الأعظم) . قال في النهاية: (وفيه: عليكم بالسواد الأعظم: أي جملة الناس ومعظمهم الذين يجتمعون على طاعة السلطان وسلوك النهج القويم) [3] .
وهذا القول مروي عن أبي غالب الذي قال: (إن السواد الأعظم هم الناجون من الفرق، فما كانوا عليه من أمر دينهم فهو الحق، ومن خالفهم مات ميتة جاهلية، سواء خالفهم في شيء من الشريعة أوفي إمامهم وسلطانهم، فهو مخالف للحق) [4] . ا. ه. وممن قال بهذا أبو مسعود الأنصاري وابن مسعود.
يقول الشاطبي معقبًا: (فعلى هذا القول يدخل في الجماعة مجتهدوا الأمة وعلماؤها وأهل الشريعة العاملون بها. ومن سواهم داخلون في حكمهم، لأنهم تابعون لهم، ومقتدون بهم. فكل من خرج عن جماعتهم فهم الذين شذوا وهم نهبة الشيطان. ويدخل في هؤلاء جميع أهل البدع، لأنهم مخالفون لمن تقدم من الأمة، لم يدخلوا في سوادهم بحال) [5] ا. ه.
وقيل: الجماعة هي جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على أمير. وهذا رأي الطبري الذي ذكر الأقوال السابقة. ثم قال: (والصواب أن المراد من الخبر لزوم الجماعة الذين في طاعة من اجتمعوا على تأميره، فمن نكث بيعته خرج عن الجماعة) [6] . ا. ه.
(فأمر عليه الصلاة والسلام، بلزومه ونهى عن فراق الأمة فيما اجتمعوا عليه من تقديمه عليهم) [7] . ا. ه. وقال: (أما الجماعة التي إذا اجتمعت على الرضا بتقديم أمير، كان المفارق لها ميتًا ميتة جاهلية، فهي الجماعة التي وصفها أبو مسعود الأنصاري، وهم معظم الناس وكافتهم من أهل العلم والدين وغيرهم وهم السواد الأعظم) [8] ا. ه.
وحاصل هذا القول: (أن الجماعة راجعة إلى الاجتماع على الإمام الموافق للكتاب والسنة، وذلك ظاهر في أن الاجتماع على غير سنة خارج عن معنى الجماعة المذكورة في الأحاديث المذكورة) [9] .
هذه أهم الأقوال في معنى الجماعة التي ورد الأمر بلزومها، وحاصلها أن الجماعة ترجع إلى أمرين:
(أ) : أنها الجماعة إذا اجتمعوا على إمام على مقتضى الشرع، فيجب لزوم هذه الجماعة ويحرم الخروج عليها.
(1) الاعتصام ج2 ص263.
(2) فتح الباري ج13 ص316.
(3) النهاية ج2 ص419.
(4) الاعتصام ج2 ص260.
(5) الاعتصام ج2 ص261.
(6) فتح الباري ج13 ص37.
(7) الاعتصام ج2 ص264.
(8) الاعتصام ج2 ص264.
(9) الاعصام ج2 ص265.