فهرس الكتاب
الصفحة 196 من 222

* (والضابط الآخر) أن يكون الإنكار بالهجر أو اليد أو اللسان من خلال عمل شرعي مأمور به تتحقق من خلاله المصالح الشرعية المعتبرة، وتدرأ به المفاسد المعتبرة شرعا، حسب الظروف والأحوال المختلفة، وإلا لم يكن العمل مشروعا ولا مأمورا به. فالهجر - مثلا - إذا لم يردع المبتدع بل يزيد شره على الهاجر الضعيف بحيث تكون مفسدة ذلك العمل راجحة علي مصلحته لم يشرع الهجر. بل لعل تأليف قلوب بعض المبتدعة يكون أنفع من الهجر. والأصل عصمة دم المسلمين وأموالهم وأعراضهم. فإذا اختلط المبتدعة بغيرهم، عومل كل، بما يظهر منه وبما يستحقه شرعاً، ولا يؤخذ أحد بجريرة أحد، ولا ترد بدعة ببدعة أخرى. فالأصل على المسلم إذا صار في مدينة من مدائن المسلمين التي يرتفع عليها شعار السنة أن يصلي مع المسلمين الجمعة والجماعة، ويوالي المؤمنين، ولا يعاديهم. وإن رأى بعضهم ضالاً أو غاوياً وأمكن أن يهديه ويرشده فعل ذلك، وإلا فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها. ولا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله أو بخطأ أخطأ فيه، كالمسائل التي تنازع فيها أهل القبلة، بل وحتى لو كان المسلم متأولا في تكفير غيره أو قتاله لم يكفر بذلك بل له ولاء وحرمة غيره من المسلمين ما لم يتعد ضرره إلي حرمة غيره من المسلمين [1] .

* وإذا كثرت الأهواء وأحب المسلم أن لا يصلي إلا خلف من يعرفه على سبيل الاستحباب والاستبراء للدين فله ذلك دون أن ينكر على مخالفه، ودون أن يضيع الواجبات من جمع وجماعات، (عند من يرى وجوب صلاة الجماعة) لأن الصلاة خلف مستور الحال جائزة باتفاق أهل السنة. وعدم إعادة الصلاة بعد أدائها خلف المبتدع جائزة - أيضا-. ومن حرم أو أبطل الصلاة خلف مستور الحال فقد خالف السنة والجماعة. والصلاة والدعاء لا تجوز على من علم نفاقه، فكل من لم يعلم كفره أو نفاقه جازت الصلاة عليه والاستغفار له، وإن كانت فيه بدعة، وإن كان له ذنوب.

(1) فهنا يشرع في حقه ما يكف شره، ويمنع بغيه على غيره.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام