و) (والجهمية) ظنوا - أيضاً - أن القدر يناقض الشرع، فنفوا حكمة الله وعدله، وقالوا إن العبد لا فعل له البته ولا قدرة، بل الله هو الفاعل القادر فقط، ونفوا صفات الله كلها و أسماءه إلا القادر فقط، لأن العبد ليس بقادر. و قالوا لا فرق بين ما أمر الله به وما نهى عنه في نفس الأمر، فالجميع سواء، و كذلك أولياؤه وأعداؤه، وما ذكر أنه يحبه، وما ذكر أنه يبغضه، لكنه فرق بين المتماثلين بمحض المشيئة، يأمر بهذا وينهى عن مثله، فجحدوا الفرق والفصل بين التوحيد والشرك، وبين الإيمان والكفر، وبين الطاعة والمعصية، وبين الحلال و الحرام. و جعلوا الإيمان مجرد المعرفة فقط. ولا فرق عندهم بين عبادة الله وعبادة غيره بل يجوزون عبادة غيره، كما يجوزون عبادته، و منتهى توحيدهم هو توحيد المشركين والعارف عندهم هو الذي لا يستحسن حسنة ولا يستقبح سيئة. وينكر الشرع و النبوات. فهم إما باطنية منافقون، وإما مشركون ظاهراً وباطناً.