* وأما إذا أظهر الرجل المنكرات، وجب الإنكار عليه علانية ولم يبق له غيبة، ووجب أن يُعاقب علانية بما يردعه عن ذلك من هجر وغيره، فلا يُسلم عليه، ولا يُرد عليه السلام، إذا كان الفاعل لذلك متمكناً من ذلك من غير مفسدة راجحة. وينبغي لأهل الخير والدين أن يهجروه ميتاً كما هجروه حياً، إذا كان في ذلك كف لأمثاله من المجرمين، فيتركون تشييع جنازته). ج28 ص217، 218.
* (وهذان النوعان يجوز فيهما الغيبة بلا نزاع بين العلماء:
(أحدهما) : أن يكون الرجل مظهراً للفجور، مثل الظلم والفواحش والبدع المخالفة للسنة، فإذا أظهر المنكر وجب الإنكار عليه بحسب القدرة .. وأن يُهجر ويُذم على ذلك .. بخلاف من كان مستتراً بذنبه مستخفياً، فإن هذا يستر عليه، لكن ينصح سراً، ويهجره من عرف حاله ليتوب، ويذكر أمره على وجه النصيحة.
(النوع الثاني) : أن يستشار الرجل في مناكحته ومعاملته أو استشهاده، ويعلم أنه لا يصلح لذلك، فينصحه مستشاره ببيان حاله) ج28 ص219، 220.
* (وإذا كان الرجل يترك الصلوات ويرتكب المنكرات، وقد عاشره من يخاف أن يفسد دينه: بيّن أمره له لتتقي معاشرته. وإذا كان مبتدعاً يدعو إلى عقائد تخالف الكتاب والسنة، أو يسلك طريقاً يخالف الكتاب والسنة، ويخاف أن يضل الرجل الناس بذلك: بيّن أمره للناس ليتقوا ضلاله، ويعلموا حاله. وهذا كله يجب أن يكون على وجه النصح وابتغاء وجه الله -تعالى-، لا لهوى الشخص مع الإنسان: مثل أن يكون بينهما عداوة دنيوية أو تحاسد أو تباغض أو تنازع على الرئاسة، فيتكلم بمساوئه مظهراً للنصح وقصده في الباطن الغض من الشخص واستيفاؤه منه، فهذا من عمل الشيطان. و"إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى". بل يكون الناصح قصده أن الله يصلح ذلك الشخص، وأن يكفي المسلمين ضرره في دينهم ودنياهم، ويسلك في هذا المقصود أيسر الطرق التي تمكنه) . ج28 ص220، 221.
* (إن الله - تعالى - أباح من قتل النفوس ما يحتاج إليه في صلاح الخلق، كما قال -تعالى:(وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) . أي أن القتل وإن كان فيه شر وفساد، ففي فتنة الكفار من الشر والفساد ما هو أكبر منه، فمن لم يمنع المسلمين من إقامة دين الله لم تكن مضرة كفره إلا على نفسه. ولهذا قال الفقهاء: إن الداعية إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة يُعاقب بما لا يُعاقب به الساكت). ج28 ص355.