* (جوز طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهما: قتل الداعية إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة، وكذلك كثير من أصحاب مالك. وقالوا إنما جوز مالك وغيره قتل القدرية لأجل الفساد في الأرض لا لأجل الردة .. وقد يُستدل على أن المفسد متى لم ينقطع شره إلا بقتله فإنه يقتل) ج28 ص346.
*(وأما الواحد المقدور عليه من الخوارج والرافضة، فقد روى منهما -أعني عمر وعلي- قتلهما -أيضاً- والفقهاء وإن تنازعوا في قتل الواحد المقدور عليه من هؤلاء، فلم يتنازعوا في وجوب قتالهم إذا كانوا ممتنعين، فإن القتال أوسع من القتل، كما يقاتل الصائلون العداة والمعتدون البغاة، وإن كان أحدهم إذا قدر عليه لم يُعاقب إلا بما أمر الله ورسوله به.
* وهذه النصوص المتواترة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في الخوارج قد أدخل فيها العلماء لفظاً أو معنى من كان في معناهم من أهل الأهواء الخارجين على شريعة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وجماعة المسلمين، بل هؤلاء شر من الخوارج الحرورية، مثل الخرمية، والقرامطة، والنصيرية، وكل من اعتقد في بشر أنه إله، أو غير الأنبياء أنه نبي، وقاتل على ذلك المسلمين: فهو شر من الخوارج الحرورية. والنبي، صلى الله عليه وسلم، إنما ذكر الخوارج الحرورية لأنهم أول صنف من أهل البدع خرجوا بعده، بل أولهم خرج في حياته، فذكرهم لقربهم من زمانه، كما خصّ الله ورسوله أشياء بالذكر لوقوعها في ذلك فذكرهم لقربهم من زمانه، كما خص الله ورسوله أشياء بالذكر لوقوعها في ذلك الزمان .. لمعان قامت بهم، وكل من وجدت فيه تلك المعاني ألحق بهم، لأن التخصيص الذكر لم يكن لاختصاصهم بالحكم، بل لحاجة المخاطبين إذ ذاك إلى تعيينهم، هذا إذا لم تكن ألفاظه شاملة لهم)ج28 ص475 - 477.
* (فأما قتل الواحد المقدور عليه من الخورج كالحرورية، والرافضة، ونحوهم: فهذا فيه قولان للفقهاء، هما روايتان عن الإمام أحمد، والصحيح أنه يجوز قتل الواحد منهم، كالداعية إلى مذهبه، ونحو ذلك ممن فيه فساد .. وأما تكفيرهم وتخليدهم: ففيه -أيضاً- للعلماء قولان مشهوران: وهما روايتان عن أحمد. القولان في الخوارج والمارقين من الحرورية والرافضة ونحوهم. والصحيح أن هذه الأقوال التي يقولونها التي يعلم أنها مخالفة لما جاء به الرسول كفر، وكذلك أفعالهم التي هي من جنس أفعال الكفار بالمسلمين هي كفر -أيضاً-. ولكن تكفير الواحد المعين منهم والحكم بتخليده في النار موقوف على ثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه. فإنا نطلق القول بنصوص الوعد والوعيد والتكفير والتفسيق، ولا نحكم للمعين بدخوله في ذلك العام حتى يقوم فهي المقتضى الذي لا معارض له .. فإن حكم الكفر لا يكون إلا بعد بلوغ الرسالة، وكثير من هؤلاء قد لا يكون قد بلغته النصوص المخالفة لما يراه، ولا يعلم أن الرسول بعث بذلك، فيطلق أن هذا القول كفر، ويكفر من قامت عليه الحجة التي يكفر تاركها، دون غيره. والله أعلم) ج28 ص499 - 501.