* وَمَنْ تَوَلَّى أَمْوَاتَهُمْ أَوْ أَحْيَاءَهُمْ بِالْمَحَبَّةِ وَالتَّعْظِيمِ وَالْمُوَافَقَةِ فَهُوَ مِنْهُمْ، كَاَلَّذِينَ وَافَقُوا أَعْدَاءَ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ. مِنْ الْكَلْدَانِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ عُبَّادِ الْكَوَاكِبِ أَهْلِ السِّحْرِ، وَاَلَّذِينَ وَافَقُوا أَعْدَاءَ مُوسَى مِنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ بِالسِّحْرِ، أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ صَانِعٌ غَيْرَ الصَّنْعَةِ، وَلَا خَالِقٌ غَيْرَ الْمَخْلُوقِ، وَلَا فَوْقَ السَّمَاوَاتِ إلَهٌ، كَمَا يَقُولُهُ الِاتِّحَادِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الجهمية. وَاَلَّذِينَ وَافَقُوا الصَّائِبَةَ وَالْفَلَاسِفَةَ فِيمَا كَانُوا يَقُولُونَهُ فِي الْخَالِقِ وَرُسُلِهِ: فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَالْمَعَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذِهِ الطَّوَائِفَ وَإِنْ كَانَ كُفْرُهَا ظَاهِرًا فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الدَّاخِلِينَ فِي الْإِسْلَامِ حَتَّى الْمَشْهُورِينَ بِالْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ وَالْإِمَارَةِ، قَدْ دَخَلَ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُفْرِهِمْ، وَعِظَمِهِمْ، وَيَرَى تَحْكِيمَ مَا قَرَّرُوهُ مِنْ الْقَوَاعِدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَهَؤُلَاءِ كَثَرُوا فِي الْمُسْتَاخِرِينَ، وَلَبِسُوا الْحَقَّ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، بِالْبَاطِلِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَعْدَاؤُهُمْ.
* وَاَللَّهُ -تَعَالَى- يُحِبُّ تَمْيِيزَ الْخَبِيثِ مِنْ الطَّيِّبِ، وَالْحَقِّ مِنْ الْبَاطِلِ. فَيُعْرَفُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَصْنَافَ: مُنَافِقُونَ، أَوْ فِيهِمْ نِفَاقٌ، وَإِنْ كَانُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ كَوْنَ الرَّجُلِ مُسْلِمًا فِي الظَّاهِرِ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مُنَافِقًا فِي الْبَاطِنِ، فَإِنَّ الْمُنَافِقِينَ كُلَّهُمْ مُسْلِمُونَ فِي الظَّاهِرِ، وَالْقُرْآنُ قَدْ بَيَّنَ صِفَاتِهِمْ وَأَحْكَامَهُمْ، وَإِذَا كَانُوا مَوْجُودِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وَفِي عِزَّةِ الْإِسْلَامِ، مَعَ ظُهُورِ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ وَنُورِ الرِّسَالَةِ، فَهُمْ مَعَ بُعْدِهِمْ عَنْهُمَا أَشَدُّ وُجُودًا، لَا سِيَّمَا وَسَبَبُ النِّفَاقِ هُوَ سَبَبُ الْكُفْرِ، وَهُوَ الْمُعَارِضُ لِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ) ج28 ص201،202.
* (هَذَا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ مُنَافِقُونَ النِّفَاقَ الْأَكْبَرَ، وَأُولَئِكَ كُفَّارٌ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ. فَمَا أَكْثَرُ مَا يُوجَدُ فِي الرَّافِضَةِ والجهمية وَنَحْوِهِمْ زَنَادِقَةٌ مُنَافِقُونَ، بَلْ أَصْلُ هَذِهِ الْبِدَعِ هُوَ مِنْ الْمُنَافِقِينَ الزَّنَادِقَةِ، مِمَّنْ يَكُونُ أَصْلُ زَنْدَقَتِهِ عَنْ الصَّابِئِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، فَهَؤُلَاءِ كُفَّارٌ فِي الْبَاطِنِ، وَمَنْ عُلِمَ حَالُهُ فَهُوَ كَافِرٌ فِي الظَّاهِرِ -أَيْضًا-) ج12 ص497.