فهرس الكتاب
الصفحة 90 من 517

على من يتوهم اشتراك العارف والمقلد مثلا في صدق الإيمان، فنبه بقصر المؤمن على العارف على خروج غير العارف من حقيقة الإيمان. هذا إذا نظر في اللفظ بطريق فن ّ البلاغة، وإن نظر فيه بطريق فن ّ المنطق، فهو في قوّة قضية كلية موجبة قائلة كل مؤمن فهو عارف، وهذه القضية يلزمها بعكس النقيض الموافق كل من ليس بعارف فليس بمؤمن، وبعكس النقيض المخالف لا شيء من غير العارف بمؤمن تجعله كبرى لقضية صادقة، وهي قولنا: كل مقلد فهو غير عارف ينتج من الأوّل لا شيء من المقلد بمؤمن، وأحرى من كانت حالته دون درجة التقليد الصحيح كما هو حال كثير ممن ينطق بكلمتي الشهادة. وأما قول القاضي: فمنهم قوي ّ القريحة إلى آخره فبين لأن المعرفة محلها القلب وسببها العادي وهو النظر عقلي أيضا والنطق باللسان لا أثر له فيهما، فلهذا لم يكن شرطا فيها، بل المقصود حصول العقائد في القلب بادلتها

اتفاقا (قوله على من يتوهم) أي يقع في ذهنه ذلك ولو على سبيل الجزم (قوله مثلا) أراد به الظان والشك والواهم والأولى اسقاطه لما علمت (قوله في صدق الخ) أراد بالصدق الاتصاف تسمحا وإلا فالصدق هو الحمل والحقيقة لا تحمل، إنما الذي يحمل هو المشتق من الإيمان، وهو مؤمن إلا أن يقدر مضاف: أي في صدق ذي الإيمان (قوله بقصر المؤمن على العارف) أي قصر إفراد من قصر الصفة: أي المؤمن على الموصوف: أي العارف لأنّ ما بعد هو المقصور عليه (قوله غير العارف) أي من المقلد والظان والشاك والواهم (قوله هذا) أي التقرير السابق (قوله فهو) أي قول أبي الطيب لا يوجد مؤمن إلا وهو عارف (قوله بعكس النقيض الموافق) العكس قلب جزئي القضية مع بقاء الكيف والصدق، والموافق صفة لعكس: أي الموافق للأصل وهو المعكوس في الكيف، وعكس النقيض الموافق هو تبديل نقيضي الطرفين بأن يجعل نقيض الجزء الأوّل ثانيا ونقيض الجزء الثاني أوّلا (قوله وبعكس النقيض المخالف) أي لأصله في الكيف هو أن يجعل نقيض الجزء الثاني أوّلا وعين الأوّل ثانيا (قوله صادقة) أي مسلم صدقها لأنها لا تحتاج لدليل (قوله ينتج من الأوّل) أي من الشكل الأوّل، وهو أن يكون المحمول في الصغرى موضوعا في الكبرى، ثم إن ّ هذه النتيجة الحاصلة إنما هي من ضم المقدمة المسلمة الصدق إلى القضية الحاصلة من عكس النقيض المخالف، وترك الشارح ذكر النتيجة الحاصلة من ضم تلك المقدمة المسلمة الصدق للقضية الحاصلة من عكس النقيض الموافق، لأن معنى النتيجتين واحد، لأن النتيجة حينئذ كل مقلد ليس بمؤمن، وهي عين قولنا لا شيء من المقلد بمؤمن (قوله وأحرى) أي أولى في كونه ليس مؤمنا من كانت حالته الخ كالشاك والظان والمتوهم والأولى إسقاط ذلك لأنه لا نزاع فيه (قوله وأما قول القاضي الخ) شروع في توجيه قول القاضي إلا أن أحوالهم مختلفة فمنهم الخ (قوله فبين) أي واضح (قوله محلها القلب) لأنها عقلية والعقل قائم بالقلب (قوله أيضا) أي كما أنها عقلية كما علم ذلك من قوله محلها القلب وإن لم يصرح أوّلا بأن المعرفة عقلية (قوله والنطق باللسان لا أثر له فيهما) أي في المعرفة والنظر وحينئذ فلا يتوقف كل منهما عليه (1) (قوله فلهذا) أي لأجل كونهما لا يتوقفان عليه لم يكن شرطا فيهما

(1) قوله عليه: أي النطق اهـ.

النتيجة لها عقلا قدر أن يعبر عن ذلك من حصلت له أم لا، ولا ريب في حصول حقيقة الإيمان لمثل هذا، وليس نزاعنا فيه، وإنما نزاعنا في أن المعرفة هل يقول القاضي أنها حاصلة لكل ّ من نطلق عليه نحن اسم الإيمان بناء على الظاهر أم لا، وعلى القطع أن هذا مما لا يقوله القاضي ولا غيره، بل كل عاقل يجوّز فيمن يظهر الإيمان أن يكون فيه مقلدا أو ظانا أو شاكا أو متوهما، بل ويجوّز أن يكون كافرا زنديقا، بل لو نطق مظهر الإيمان بأدلته وأتقن براهينه لما قطعنا في حقه بالإيمان ولا المعرفة لاحتمال أن يكون في قلبه شبهات أوجبت له شكا ولم يبدها لنا، أو حفظ تلك الأدلة تقليدا ولم يتحققها إلا أن قرائن الأحوال تغلب الظن ّ بأحد الأمرين، وبالجملة فالإيمان لما كان مرجعه إلى المعرفة والمعرفة من السرائر والله سبحانه متوليها فلا تعرف إلا من قبله، ولهذا زجر النبي صلى الله عليه وسلم سعدا رضي الله عنه عن جزمه بالإيمان في حق ّ الرجل الذي أمسك النبي صلى اله عليه وسلم عن إعطائه، فقال له سعد بن مالك عن فلان؟ فو الله إني لأراه مؤمنا

فقول الشارح فيها الأولى فيهما (قوله المنتجة لها عقلا) مبني على أن لزوم النتيجة للدليل عقلي ّ (قوله عن ذلك) أي العقائد بأدلتها (قوله من حصلت) أي المعرفة والأولى حصلتا: أي المعرفة والنظر (قوله لمثل هذا) أي لهذا الذي حصلت له معرفة العقائد بأدلتها ومن ماثله لكن إيمان هذا وأمثاله شرطه الاذعان والقبول وإن فقد ذلك فهو كافر ولا تنفعه المعرفة بدون اذعان (قوله وليس نزاعنا فيه) أي فيمن حصلت له المعرفة بالأدلة لأن إيمانه متفق عليه ... (قوله وإنما نزاعنا في أن المعرفة الخ) الأولى وإنما نزاعنا في أن قول القاضي لا يوجد مؤمن إلا وهو عارف هل يدل على أن كل من يطلق اسم الإيمان عارف أو لا؟ فالبعض المعاصر يقول بالدلالة وأنا أقول بعدمها (قوله حاصلة الخ) كما يقول البعض المعاصر (قوله بناء على الظاهر) مرتبط بقوله نطلق عليه: أي نظرا لظاهر حاله (قوله وعلى القطع) خبر مقدم وأن هذا الخ مبتدأ مؤخر والتقدير وكون هذا: أي حصول المعرفة لكل من يطلق عليه اسم الإيمان نظرا لظاهر حاله مما لا يقوله القاضي ولا غيره حاصل على القطع خلافا للبعض المعاصر القائل إن القاضي يقول بحصول المعرفة له (قوله بل كل عاقل يجوّز الخ) أي وحينئذ فلا يصح قطعا أن القاضي يقول إن المعرفة حاصلة لكل من صدق عليه أنه مؤمن في الظاهر (قوله بالإيمان) أي حديث النفس التابع للمعرفة فقوله والمعرفة من عطف المغاير (قوله شبهات) أي وردت على الأدلة (قوله أو حفظ) عطف على قوله في قلبه) (قوله قرائن الأحوال) الإضافة للبيان وأل للجنس (قوله الظن) أي ظننا (قوله بأحد الأمرين) المراد بهما المعرفة في نفس الأمر وعدمها فيه (قوله وبالجملة الخ) راجع لقوله وعلى القطع الخ (قوله مرجعه) من رجوع المشروط للشرط (قوله والمعرفة) مثلها الإيمان فلا وجه

للتخصيص (قوله من السرائر) أي الأمور الخفية (قوله متوليها) أي مطلع عليها وحده (قوله فلا يعرف) أي الإيمان، وفي نسخة فلا تعرف: أي المعرفة والفاء زائدة في جواب لما (قوله إلا من قبله) بكسر القاف وفتح الباء: أي الله تعالى كأن يخبر نبيه لأن فلانا مؤمن (قوله ولهذا) أي لكون المعرفة من السرائر الخ (قوله عن اعطائه) أي من المال (قوله عن فلان) أي تعرض عنه حيث لم تعطه من المال

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام