على ذلك إنما هو استدلال على أنواع الضرورة، وظاهر هذا عين ما أنكرت. قلت: ليس هذا عينه ولا يدل عليه. أما قول القاضي فهو جار على أصله وأصل الجمهور من أن التقليد لا تحصل معه حقيقة الإيمان وإنما تحصل مع المعرفة، ولهذا كانت حقيقة الإيمان عند القاضي هو التصديق التابع للمعرفة، واحترز بقوله: التابع للمعرفة من التصديق النابع للاعتقاد التقليدي أو التابع للظن أو الشك أو الوهم، فمعنى قوله: لا يوجد مؤمن إلا وهو عارف بالله تعالى لا يوجد مؤمن شرعا: أي في حكم الله تعالى المبني على التحقيق وما في نفس الأمر، لا في حكمنا نحن المبني ّ على الظواهر إلا وهو عارف: أي فمن ليس بعارف كالمقلد ونحوه فليس بمؤمن عند الله سبحانه وتعالى. فالقصر في لفظه إفراد ردّا
حينئذ للأدلة المذكورة في القرآن والسنة (قوله استدلال على أنواع الضرورة) مراده بالأنواع الجزئيات، وبالضرورة الضروري، فثبوت القدرة جزئي من جزئيات الضروري وهكذا: أي وليس استدلالا لتحصيل أصل المعرفة، وقد يقال حينئذ يكون الاستدلال عبثا إذ الضروريات لا تحتاج لأدلة، فالأولى أن يقال أنها لزيادة التقوية (قوله وظاهر هذا عين ما أنكرت) أي من كلام البعض المعاصر وهو ابن ذكرى، وحينئذ فالإنكار لم يتم ّ، بل ذلك القول الذي قاله ابن ذكرى حق لموافقة أبي بكر بن الطيب له، وموافقة الطائفة الذين من أهل العلم له أيضا (قوله ليس هذا) أي ما قاله ابن الطيب والطائفة الذين من أهل العلم، وقوله: وعينه: أي عين ما قاله البعض المعاصر الذي أنكرته، بل القول الذي أنكرته غير هذا، لأن البعض المعاصر قال لا مقلد. والمصنف قال هناك مقلد إلا أن إيمانه غير صحيح (قوله على أصله) أي قاعدته (قوله حقيقة الإيمان) الإضافة بيانية، والإيمان هو التصديق القلبي التابع للمعرفة (قوله وإنما حصل) أي تلك الحقيقة مع المعرفة، وفيه أن تلك الحقيقة هي التصديق التابع للمعرفة، وحينئذ فهذه المصاحبة معلومة من نفس الحقيقة إلا أن يراد بالحقيقة هنا مجرد التصديق (قوله هو التصديق الخ) ظاهر على القول بعدم كفاية التقليد. أما على مقابله فهو تعريف للإيمان الكامل، وأصل الإيمان التصديق التابع للجزم (قوله أو التابع للظن الخ) فيه أن التصديق هو الإذعان: أي قول الشخص في نفسه قبلت، ولا يعقل تبعية للظن وما عطف عليه، فالأولى حذفه مع ما عطف عليه (قوله فمعنى قوله) أي القاضي لا يوجد الخ، وليس معناه كما فهم البعض المعاصر (قوله أي في حكم الله) أي بحسب إخبار عنه بأنه مؤمن وإخبار الله بذلك مطابق للواقع تفسير لقوله شرعا أشار إلى أنه ليس المراد به الأحكام الشرعية من النسب المنظور فيها للظاهر (قوله وما في نفس الأمر) عطف تفسير (قوله لا في حكمنا) أي لا بحسب حكمنا: أي إخبارنا عنه بأنه مؤمن المبني على الظاهر لا على ما في نفس الأمر فإنه لا يكون مطابقا للواقع (قوله المبني على الظاهر) وصف كاشف (قوله عارف) أي جازم بالعقائد جزما ناشئا عن الأدلة (قوله أي فمن ليس الخ) لازم لقولنا لا يوجد مؤمن عند الله إلا وهو عارف (قوله ونحوه) أي كالظان ّ والشاك والواهم، والأولى اسقاطه لأنه لا كلام لنا فيه والنزاع إنما هو في المقلد وكل ّ ممن ذكر كافر