فهرس الكتاب
الصفحة 87 من 517

بجاية وغيرهم من المحققين أن مثل هذا لا يضرب له في الإسلام بنصيب، والعاقل في الحقيقة من أنصف من نفسه، فو الله لولا فضله تعالى وتوفيقه لمخالطة العلم وأهله لما كنا نحسن عقائد الإيمان بمجرد التقليد فضلا عن النظر، ولكنا في أودية من اعتقادات أهل الباطل نهيم، فيا عجبا لعاقل يجل الضروريات حتى لم يشعر بحال نفسه قبل مخالطة العلم ولا شعر بحال العوام، ومن أعرض عن النظر جملة، ولقد ألف علماء السنة رضي الله عنهم كابن أبي زيد وابن الحاجب وغيرهما تآليف مختصرة اقتصروا فيها على سرد العقائد مجردة عن الأدلة لتحفظها العامة، ومن قصر عقله عن النظر ليرتقوا من معرفتها تقليدا إلى البحث عن أدلتها، وما ذاك إلا أنهم رأوا أكثر العامة لا يحسن العقائد ولو بالتقليد، فأرادوا من نصحيتهم أن ينقلوهم من مرتبة يخشى عليهم فيها أن يكونوا على اعتقاد مجمع فيه على الكفر إلى مرتبة مختلف فيها، ولعلها تكون سلما إلى المعرفة، وبالجملة فأهل النظر لم يصلوا كلهم

بمعناها من ثبوت الألوهية والرسالة لسيدنا محمد، وقوله: ولا أن يميز الخ لما كان قوله من غير الخ صادقا إذا جزم بالمدلول تقليدا أتي بقوله: ولا الخ ليفيد أنه ليس عنده إدراك للمعنى أصلا. ثم إنه يرد على الشارح أم من كان بهذه المثابة لا يقال له مقلد، وحينئذ فالتفسير بقوله: وبعض المقلدين الخ لا يناسب، فالأولى أن يقول: وبعض من يطلق عليه اسم الإيمان، أو بعض العامة ينطق الخ (قوله بجاية) بكسر الباء وفتح الياء بلدة بالمغرب (قوله بنصيب) أي حظ من إرث وصلاة وغيرهما (قوله والعاقل الخ) تعريض بابن ذكرى بأنه لو أنصف من نفسه لما قال ما قال (قوله لمخالطة العلم) أي بالاشتغال به، وقوله: وأهله: أي ومخالطة أهله بالأخذ عنهم (قوله لما كنا الخ) بل كنا نعتقد أن الله ليس بقادر أو أنه جسم مثلا (قوله لكنا الخ) الأودية جمع واد وهو المحل المنخفض الواسع الذي هو بمظنة الهلاك، وقوله: من اعتقادات الخ بيان للأودية وقوله: نهيم: أي نسير ولا ندري أين نتوجه (قوله لعاقل) تعريض بابن ذكرى، وقوله: يجهل الضروريات مثل توقف المعرفة على النظر، وقوله: حتى لم يشعر بحلل نفسه: أي من كونه كان عاميا ذا حرفة قبل مخالطته للعلم وأهله. ثم أنعم الله عليه بالعلم والحال أن علم الشخص بحال نفسه من الضروريات (قوله ولا شعر) بضم العين المهملة: أي علم عطف على لم يشعر (قوله ومن أعرض الخ) أي ولم يشعر بحال من أعرض الخ (قوله جملة) أي بالكلية إجمالا وتفصيلا (قوله لتحفظها العامة) أي مع فهم معانيها، وهذا علة غائبة كقوله ليرتقوا الخ (قوله عن النظر) أي الإجمالي والتفصيلي (قوله من معرفتها تقليدا) أي من إدراكها تقليدا، لأن المعرفة لا تجامع التقليد، ولو عبر بالإدراك لكان أحسن (قوله وما ذاك) أي وما سبب ذلك الاقتصار على العقائد مجردة الخ، فهو بيان للعلة الباعثة (قوله من مرتبة يخشى عليهم الخ) فيه أنهم إذا كانوا لا يحسنون العقائد

فهم كفار، فلا يحسن التعبير حينئذ بقوله يخشى، فالأولى أن يقول عن مرتبة مجمع فيها على الكفر إلى مرتبة مختلف فيها، وهي التقليد (قوله ولعلها) أي المرتبة المختلف فيها تكون الخ، وهذا الترجي الواقع من الشارح يشعر بأن هؤلاء الجماعة المؤلفين للتآليف المذكورة يقولون بالاكتفاء بالتقليد، فيعكر على مذهبه من عدم كفايته (قوله فأهل النظر)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام