ولذلك قيل: النفاق نفاقان. نفاق يعرفه صاحبه من نفسه، وهو نفاق الذين كانوا في عهد رسول صلى الله عليه وسلم ومن في معناهم من الزنادقة. ونفاق لا يعرفه صاحبه من نفسه، وهو أن يولد الرجل والمرأة بين أبوين مسلمين، فيسمع قول لا إله إلا الله محمد رسول الله، فيقول نحو ما سمع اتباعا وتقليدا لهم حتى لو تصوّر أن يولد بين النصارى لقال مثل أقوالهم اتباعا لهم وتقليدا في ذلك من غير أن ينظر في خلقه، ومن أي شيء خلق، وكيف انتقل من طور إلى طور، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام «من عرف نفسه عرف ربه» وربما يمر بباله التفكر في خلق الله، فيردّه الشيطان من الإنس والجن، فيقول له إن تفكرت فقد تشككت، فيعرض عن النظر إلى الموت فاذا بلغت الروح الحلقوم أتاه الشيطان في ذلك المضيق حين لا فكر ويشككه في دينه فيموت بشكه والعياذ بالله من ضروب الشكوك، فاذا كان في القبر ختم على الأفواه ونطق بما عنده من غير زيادة ولا نقصان، فإن كان عارفا نطق بالحق وإن كان شاكا غير عالم قال لا أدري، وكذلك كان يقول بقلبه في حياته لا أدري، وكان يطرقه الشك أحيانا فلا يبحث عليه ولا يداوي سقام سريرته، فاذا مات لحقه الدم حين لا ينفعه واعتذر إلى من لا يسمعه
المعجزات، وقوله: والتوحيد: أي كون الله واحدا في ذاته وصفاته وأفعاله والأدلة الدالة على ذلك هي المصنوعات (قوله ولذلك) أي ما تقدّم من آية - في قلوبهم مرض - ومن قوله وهذا المريض القلب الخ (قوله وهو نفاق الذين كانوا الخ) وهذا هو المشار له بالآية السابقة (قوله من الزنادقة) وهم الذين يخفون الكفر بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فالمخفي للكفر يقال له هنا منافق في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وزنديق في زمننا (قوله وهو أن يولد الخ) أي وهو ذو أن يولد (قوله الرجل) أي الذكر بالغا أم لا (قوله أو المرأة) أي الأنثى ولو صغيرة (قوله فيقول الخ) أي من غير تصميم واعتقاد (قوله تصوّر) بفتح التاء: أي أمكن امكانا وقوعيا (قوله أن يولد) أي المولود بين المسلمين (قوله في خلقه) أي ذاته المخلوقة وما احتوت عليه (قوله ومن أي شيء خلق) أي وهو النطفة (قوله طور) أي حال (قوله ولذلك الخ) علة لمحذوف تقديره ولو نظر لكان عارفا (قوله من عرف نفسه) أي عرف كونها حادثة مخلوقة من نطفة وأنه انتقل من طور إلى طور (قوله عرف ربه) أي عرف كونه موجدا للعالم قديما الخ (قوله بباله) أي بال من ولد بين المسلمين (قوله التفكر الخ) أي الذي يسير به عارفا (قوله المضيق) أي المكان الضيق (قوله ويشككه) الأولى حذف الواو (قوله حين لا فكر) أي حين لا يمكنه الفكر لضيق الوقت (قوله فيموت الخ) أي فيموت كافرا (قوله من ضروب الشكوك) الإضافة بيانية وأل للجنس (قوله فاذا كان) أي المكلف من حيث هو سواء كان عارفا أو مقلدا فهو أعم مما قبله لأنه في المقلد، وكان بمعنى ثبت أو حل ّ (قوله ختم على الأفواه) المراد بالختم عليها أنه لا ينطق إلا بما عنده، فقوله ونطق الخ تفسير قوله ونطق)
أي المكلف من حيث هو (قوله وإن كان شاكا الخ) كالمقلد (قوله وكان) أي حال حياته (قوله أحيانا) أي في بعض الأحيان حين عروض الشبه له (قوله عليه) أي عنه (قوله سقام) بفتح السين: أي مرض وإضافته لسريرته: أي ما يسره وهو الشك بيانية (قوله واعتذر إلى من لا يسمعه)