فهرس الكتاب
الصفحة 50 من 517

وقد شدّد رهبان النصارى ومن في معناهم من الجهلة على أنقسهم في الدنيا تشديدا عظيما، ومع ذلك لا ينفعهم شيئا في الآخرة. ثم لو جئنا لعد ّ المحاسن والأعمال التي اتصف بها أكثر العلماء من أئمة المسلمين ومشايخ لأولياء الذين هم قدوة المتقين وما لهم من العلوم، ثم بثها تعليما وتأليفا وجهادا لكل ّ مبطل حتى انقطع من كل ّ جاهل ومبتدع التشوف إلى الاختلاس من الدين لغاب في أدنى مكرمة لهم جميع أعمال عامة المسلمين. لكن مشاهدة هؤلاء المتشبهين بأهل العلم وليسوا منهم، وعزة وجود أهل العلم على الحقيقة هي التي جسرت الجاهل بمناقب من مضى من أئمة المسلمين على ذكر

والمراد بالعلم: العلم المتعلق بالعمل، وقوله: أصلا راجع لقوله لا أثر الخ (قوله وقد شدد الخ) تعليل لقوله، بل لا أثر الخ، وفي هذا التعليل نظر إذ فيه جعل الدليل عين الدعوى، وهي أعمال المقلدين لا تنفعهم (قوله ومن في معناهم) أي كالمقلدين فإنهم كالرهبان في أن كلا كافر وإن اختلف المعتقد (قوله تشديدا عظيما) أي بكثرة العمل (قوله لا ينفعهم شيئا في الآخرة) أي لكونهم كفارا في الواقع (قوله ثم الخ) أي ثم بعد ذكر ما مضى أقول لك لو جئنا الخ، فالترتيب ذكرى (قوله لعد ّ المحاسن) أي الأعمال الحسنة فعطف ما بعده عليه تفسيري (قوله ومشايخ الأولياء) أي كبرائهم كالأئمة لمجتهدين (قوله الذين هم) أي مشايخ الأولياء (قوله المتقين) هم الأولياء فيما مر (قوله وما لهم) عطف على المحاسن (قوله ثم بثها) عطف على العلوم (قوله وجهادا لكل مبطل) أي من المعتزلة والفلاسفة، فكل ما يقيم واحد منهم شبهة يبطلها العالم فإبطالها جهاد (قوله من كل جاهل ومبتدع) المحل للضمير بأن يقول منه: أي المبطل، وأظهر إشارة إلى أن ذلك المبطل جاهل: أي جاهلا مركبا لأنه الذي له القدرة على إقامة الشبه، ومبتدع (قوله إلى الاختلاس) أي الاختطاف، وقوله: من الدين: أي من أطرافه وهذا كناية عن أخذهم شيئا من أمورالدين وتأويلهم لها لأجل احتجاجهم، وذلك كقوله تعالى - وجوه يومئذ ناظرة إلى ربها ناظرة - فأوّلوا ناظرة بمنتظرة أنعام ربها (قوله لغاب الخ) جواب لو من قوله، ثم لو جئنا الخ: أي تعرضنا والمكرمة بضم الراء الوصف الحميد من علم أو عمل، وقوله: جميع أعمال الخ فاعل غاب، ومعنى غياب جميع أعمال العامّة الخ أن ثواب الخصلة الواحدة أعظم من ثواب فعل جميع العامّة وهم من عرفوا العقائد بالأدلة الاجمالية، وإلا فالمقلد لا عمل له (قوله لكن الخ) أي القائل بأن عمل المقلد أكثر من عمل العلماء له عذر وهو مشاهدة الناس المتشبهين في الهيئة بالعلماء وليسوا بعلماء في الواقع فاعتقد أنهم علماء لكونهم على هيئتهم وهؤلاء الناس تصدر عنهم المعاصي بكثرة فلذا قال إن عمل المقلد أكثر من عمل العلماء (قوله وعزة) عطف على مشاهدة (قوله هي التي الخ) المناسب هما اللتان جسرتا: أي مشاهدة ما ذكر وعزة وجود من ذكر، وقد يقال أفرد باعتبار رجوع الضمير للحالة المشتملة على الأمرين، والمراد بالجاهل ابن ذكرى القائل إن عمل المقلد أكثر من عمل العالم، وكان معاصرا للمؤلف (قوله بمناقب الخ) متعلق بالجاهل: أي أنه جاهل بذلك فقط لا أنه غير عالم إذ هو من أكابر العلماء، والمناقب جمع منقبة وهي الخصلة الحميدة كالعلم والعمل الصالح (قوله على ذكر) متعلق

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام