فهرس الكتاب
الصفحة 494 من 517

ذلك المقصود إما للإيلام أو تحصيل لذة أو لدفع ألم، والأوّل لا يصلح أن يكون مقصودا للحكيم، والثاني باطل لأنه ليس في هذا العالم لذة بالحقيقة، بل كل ذلك خلاص عن الألم. والثالث أيضا باطل لأنه يحصل بالبقاء على العدم. والجواب عن الأوّل أن لكل بدن أجزاء أصلية وأجزاء فضلية، فالمعاد لكل واحد هي أجزاؤه الأصلية، والمأكول فضلية من المتغذي فلا تعاد فيه. والجواب عن الثاني أن أفعاله تعالى يستحيل أن تعلل بالأغراض وقد سبق بيانه، ولو سلم الغرض على سبيل الجدل فنقول: لم لا يجوز أن يكون الغرض الاستلذاذ؟ (قولهم: الاستقراء دل ّ على أن اللذة دفع ألم) ممنوع بدليل أن الشيء الملتذ به قد يحصل فجأة فيلتذ به من غير أن يسبق ألم الشوق إليه ولا الشعور به أصلا، وعلى تقدير تسليم كون اللذة في هذا العالم دفعا للألم فلا نسلم أن لذات الآخرة كذلك. فإن قيل قد دل السمع على أن لذات الآخرة من جنس لذات الدنيا كالأكل والشرب والاستمتاع وغيرها

لتحصيل أمر مقصود (قوله إما للإيلام الخ) أي بالنسبة للمعاد (قوله والأول) أي الايلام (قوله لا يصلح) أي بناء على أصل التحسين العقلي لأن العقل يقتضي أن إعادة العبد لاءيلامه قبيح والحسن إنما هو إعادته لا كرامه لأنه الأصلح للعبد وترك الأصلح قبيح (قوله والثاني) أي تحصيل اللذة بالمعاد (قوله العالم) أي عالم الدنيا (قوله بل كل ذلك الخ) الاشارة للذة لا بقيد قوله بالحقيقة: أي بل كل اللذات الحاصلة لعالم الدنيا سواء حصلت له في الدنيا أو في الآخرة خلاص عن الألم: أي والخلاص عن الألم ليس لذة حقيقية عند الجمهور (قوله خلاص عن الألم) فلذة الأكل خلاص عن ألم الجوع ولذة الشرب خلاص عن ألم الظمأ وقد تكون اللذة خلاصا عن ألم التشوّق إلى الشيء، وحينئذ فلا يتأنى أن يكون الغرض في الاعادة حصول اللذة للمعاد لأنه لذة أصلا (قوله والثالث) هو دفع الألم بالنسبة للمعاد، وقوله: لأنه أي دفع الألم عن المعاد (قوله عن الأوّل) هو قوله أن إنسانا الخ (قوله أجزاء أصلية) هي التي تكون باقية من أول العمر الخ، والمراد بها العناصر الأربعة التي يتركب منها الجسم أو الأجزاء التي تعلقت بها الروح في الرحم (قوله وأجزاء فضلية) أي فاضلة وزائدة على الأجزاء الأصلية وهي التي تتغير بتغير الغذاء فتتزايد بسببه وتزول بسببه (قوله والمأكول فضلية) أي أجزاء فاضلة بالنسبة للمتغذي زائدة على أجزائه الأصلية فهي وإن كانت أصلية في المأكول إلا أنها فضلية في الآكل: أي زائدة فيه على أجزائه الأصلية وليست أصلية له لأنها حادثة وطارئة عليه لأنه كان انسانا بدونها وحيث كانت فضلية في الأكل وأصلية في المأكول فلا تعاد في الآكل وإنما تعاد في المأكول (قوله أن أفعاله تعالى يستحيل الخ) أي وحينئذ فيختار أن العود لا لغرض ولا لتحصيل مقصود وقولكم إنه يؤدّي للعبث والسفه ممنوع (قوله وقد سبق بيانه) أي بيان استحالة تعليل أفعاله بالأغراض (قوله أن يكون الغرض) أي في إعادة المعدوم (قوله الاستلذاذ) أي إلذاذ المعدوم (قوله من غير أن يسبق ألم التشوّق إليه ولا الشعور به أصلا) أي كمن عثر على مسئلة علم من غير سبق ألم التشوّق إليها ولا شعور له في قلبه بها وكذا من عثر على كنز فجأة من غير طلبه إياه له به (قوله أن لذات الآخرة كذلك)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام