الدواء في وقت، ثم ينهاه عنه في وقت آخرلعلمه بصلاحه في الحالين، فمن الحكمة نهيهم عن القتال في أوّل الاسلام لقلتهم وإيجابه عليهم عند كثرتهم إذ قال الله تعالى - قاتلوا المشركين كافة - هذا إذا تنزلنا إلى القول باعتبار الصلاح والأصلح، وإلا فمعتقدنا أن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون، ثم نقول لليهود وقوع الخارق على وفق دعوى المتحدّي مع العجز عن معارضة من تحدّى عليه لا يخلو إما أن يدّل على صدق مدّعى الرسالة أولا، فإن لم يدل لزم أن لا تقوم دلالة على صدق موسى عليه السلام على زعمكم، وإن دل ّ وجب تصديق محمد وعيسى عليهما السلام. وأما النسخ فهو لازم في شرعهم أيضا إذ قد ثبت من نص التوراة أن الله تعالى قد قال لنوح عليه السلام حين خرج من السفينة «إني جاعل كل ّ كل دابة مأكلا لك ولذريتك، وأطلقت ذلك لكم كسائر العشب ما خلا الدم» وقد حرم بعد ذلك في التوراة أشياء كثيرة، وفي التوراة: أن من شريعة آدم عليه السلام جواز نكاح الأخت، وقد حرموا لك. وقد كان من شرع يعقوب عليه السلام بين الأختين، وقد حرموه. وقد كان العمل في السبت قبل شريعة موسى عليه السلام مباحا، ثم حرمه موسى عليه السلام، ولم يكن الختان واجبا لذوي الولادة وقد أوجبوه. وأما دعوى أن موسى عليه السلام نص على أن شريعته لا تنسخ، فهذا مما لقنه لهم ابن الراوندي، وقد كان يعلم الفرق الشبه طلبا للدنيا، ولا يخفى كذب هذا النقل إذ لو كان حقا لما ظهرت المعجزة على يد عيسى عليه السلام ولا على يد نبينا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم كما لم تظهر ولا تظهر على يد أحد بعد نبينا صلى الله عليه وسلم إذ قال «لا نبي بعدي» وأيضا لو كان ذلك النقل حقا لكان أولى الأزمنة بذكره والاحتجاج به الزمان الذي دعاهم فيه نبينا صلى الله عليه وسلم إلى الاسلام،
الثاني مستلزما للبداء لأن من المعلوم الخ (قوله نهيهم) أي نهي الصدر الأول من الصحابة ... (قوله هذا الخ) أي والرد على من أحال النسخ للبداء بما ذكر إذا تنزلنا الخ (قوله لا يسئل) أي سؤال تعنت فلا يتنافى أنه يسأل سؤال تفهم وأدب (قوله ثم نقول الخ) هذا الزام للفرقة الاولى المستندة في إحالة النسخ على السمع والنظر العقلي (قوله وقد حرموه) أي حرم عليهم: أي اليهود بضم الحاء وكسر الراء المشددة أواعتقدوا تحريمه فهو بفتحها (قوله لذي الولادة) يحتمل أن المراد من يمكن منه الولادة بأن كان بالغا فلا تجب إلا على البالغ دون الصغير ويحتمل أن المراد من ثبتت له الولادة صغيرا كان أو كبيرا (قوله وقد أوجبوه) أي حكموا بوجوبه ونسبة الحكم لهم مجاز لكونه ظهر فيهم، ويحتمل أن ذلك باجتهاد منهم (قوله ابن الراوندي) بفتح الواو كان من الزنادقة خلافا لبعضهم القائل إنه كان من أولياء الله كالفناري في حاشية المطول (قوله إذ لو كان حقا الخ) أي لأن كلا من شريعة سيدنا محمد وعيسى قد وقع فيها النسخ لبعض ما في التوراة من شريعة موسى (قوله كما لم تظهر) أي فيما مضى، وقوله: ولا تظهر: أي في المستقبل بالنظر لزمن المصنف (قوله لكان أولى الأزمنة منه) أي أحقها وفيه أن ما يأتي يقتضي أن يكون متعينا لا أولى كما اقتضاه كلامه، فالمناسب أن يقول لتعين ذكره