فهرس الكتاب
الصفحة 466 من 517

فيكون قبيحا عقلا، وقد سبق الكلام على فساد أصل التحسين والتقبيح العقليين. وأما بعد النبوّة فالإجماع على عصمتهم من تعمد الكذب في الأحكام، لأن المعجزة دلت على صدقهم فيما يبلغونه عن الله تعالى، فلو جاز تعمد الكذب عليهم لبطلت دلالة المعجزة على الصدق، وأما جواز صدور الكذب منهم في الأحكام غلطا أو نسيانا، فمنعه الأستاذ وطائفة كثيرة من أصحابنا لما فيه من مناقضة دلالة المعجزة القاطعة، وجوّزه القاضي وقال: إن المعجزة إنما دلت على صدقهم فيما يصدر عنهم قصدا واعتقادا. قال القاضي عياض: لا خلاف في امتناعه سهوا أو غلطا. لكن عند الأستاذ بدليل المعجزة القائمة مقام قول الله تعالى صدق عبدي وعند القاضي بدليل الشرع. وأما غير المذكور من المعاصي القولية والفعلية، فالإجماع على عصمتهم من تعمد الكبائر وصغائر الخسة خلافا لبعض الخوارج. وأما إتيان ذلك نسيانا أو غلطا فقال الآمدي: اتفق الكل ّ على جوازه سوى الروافض، وهذا الذي ذكره لا يصح بل اتفقوا على امتناعه. فقال القاضي والمحققون بدليل السمع، وقال الأستاذ وطائفة كثيرة منا ومن المعتزلة، وبدليل العقل أيضا. وأما الصغائر التي

وقوله: من بعثة الرسل من بمعنى في (قوله فيكون) أي الصدور عنهم (قوله في الأحكام) الأولى حذفه لأن الإجماع على عصمتهم فيما يتلقونه من الله مطلقا (قوله لأن المعتزلة الخ) علم من هذا التعليل أن مستند الإجماع المعجزة لا دليل من قبل الرسل (قوله وأما جواز الخ) المراد الجواز العقلي (قوله فمنعه الأستاذ الخ) خبر عن قوله: وأما جواز الخ، وفيه أن المنع إنما يتعلق بالصدور لا بالجواز فالأولى حذف لفظ جواز أو إبدال لفظ منعه بنفاه (قوله وجوزه) أي صدور الكذب منهم غلطا (قوله القاضي) أي أبو بكر الباقلاني (قوله في امتناعه) أي امتناع صدور الكذب في الأحكام الخ: أي امتناعه من جهة الوقوع بالفعل أعم من كونه جائزا عقليا أو ممتنعا عقليا، والصواب أن الكذب لم يقع منهم مطلقا لا عمدا ولا نسيانا ولا غلطا، وأما الجواز العقلي وعدمه فشيء آخر علمت ما فيه من الخلاف، وهذا كله في الكذب في الأحكام. وأما الكذب في غيرها ووقوع المعاصي غير الكذب، فأشار إليه بقوله: وأما غير المذكور الخ (قوله وأما غير المذكور الخ) غير المذكور هو غير الكذب في الأحكام، وقوله: القولية شامل للكذب في غير الأحكام، وقوله وصغائر الخسة: أي التي تدل على خسة فاعلها ودناءته كسرقة لقمة، وقوله: والإجماع على عصمتهم هذا يدل على أن المنع شرعي، وقوله: خلافا لبعض الخوارج: أي حيث جوّزوا وقوع الكبائر وصغائر الخسة عمدا (قوله على جوازه) أي جوازا وقوعيا (قوله سوى الروافض) أي فانهم منعوا وقوع جميع ذلك منهم عقلا ولو سهوا أو غلطا (قوله وهذا الذي ذكره) أي الآمدي (قوله بل اتفقوا على امتناعه) أي امتناع اتيان الكبائر وصغائر الخسة مطلقا عمدا أو غلطا أو نسيانا، وضميرا اتفقوا راجع لكل من أهل السنة والروافض (قوله فقال القاضي) أي أبو بكر الباقلاني (قوله بدليل السمع) المراد بالسمع الإجماع والجار والمجرور متعلق بامتناع (قوله وبدليل العقل أيضا) فالدليل عند أهل السنة أنه لو وقعت منهم معصية لكنا مأمورين باتباعهم فيها، لكن التالي باطل لقوله تعالى - إن الله لا يأمر بالفحشاء - ولما يلزم عليه من كون

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام