فهرس الكتاب
الصفحة 464 من 517

الذي علمنا وقوعه في حقه كما علمت لما لزم منه محال لا يقدح في علمنا بصدقه.

(ص) وإذا علم صدق الرسل عليهم الصلاة والسلام بدلالة المعجزة وجب تصديقهم في كل ّ ما أتوا به عن الله تعالى، ويستحيل عليهم الكذب عقلا والمعاصي شرعا، لأنا مأمورون بالاقتداء بهم، فلو جازت عليهم المعصية لكنا مأمورين بها - قل إن الله لا يأمر بالفحشاء - وبهذا تعرف عدم وقوع المكروه منهم أيضا، بل والمباح على الوجه الذي يقع من غيرهم، وبالله تعالى التوفيق.

(قوله لا يقدح في علمنا بصدقه) أي بصدق المحق، والجملة في محل رفع خبر عن قوله وتجويزنا (قوله وإذا علم الخ) الواو استئنافية (قوله صدق الرسل) أي فيما أخبروا به وجاءوا به من عند الله (قوله بدلالة المعجزة) متعلق بعلم (قوله وجب تصديقهم) أي اعتقاد صدقهم: أي اعتقاد أن اخبارهم بكل ما أتوا به عن الله مطابق للواقع (قوله ويستحيل الخ) معلوم مما قبله، فالأولى تفريعه عليه، والمراد أنه يستحيل منهم الكذب في الأحكام، وأما الكذب في غيرها فيدخل في عموم المعاصي (قوله عقلا) راجع لكل من الوجوب والاستحالة ثم إن أريد بالعقل ما قابل السمع كان الكلام جاريا على الأقوال الثلاثة في دلالة المعجزة من كونها عقلية أو وضعية أو عادية (قوله والمعاصي شرعا) عطف على الكذب على حذف مضاف من باب عطف العام على الخاص: أي ويستحيل وقوع المعاصي منهم شرعا لا عقلا، والمراد بالاستحالة بالنسبة للمعاصي المنع لا عدم تصوّر الوجود، لأن العقل يجوّز وقوع المعصية منهم من حيث أنهم ذوات (قوله لأنا مأمورون الخ) قال تعالى في حق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم - واتبعوه لعلكم تهتدون - وقال تعالى - قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم - فلو أتى بالمعصية لوجب علينا بمقتضى هذه النصوص متابعته في فعل ذلك الذنب. لكن وجوب متابعته فيه باطل فبطل المقدّم، والأمر بالاقتداء بهم محله فيما ليس خاصا بهم وفيما كان غير جبلي كالمشي والقعود وفيما كان غير مباح (قوله فلو جازت الخ) مراده بالجواز الجواز الوقوعي أو أن في الكلام حذفا: أي فلو جازت عليهم لربما وقعت منهم ولو وقعت منهم لكنا مأمورين بها، فاندفع ما يقال لا يلزم من جواز المعاصي عليهم أمرنا بها (قوله لكنا مأمورين بها) أي المعصية (قوله قل إن الله لا يأمر الخ) هذا سند للاستثنائية المطوية القائلة: لكن التالي باطل، وهذا الدليل وإن كان على صورة العقلي لكن المثبت له السمع، وحينئذ فلا ينافي كون الاستحالة سمعية، وكذا يقال في دليل امتناع وقوع المكروه منهم والمباح الآتيتين (قوله وبهذا) الإشارة راجعة لدليل منع وقوع المعاصي على حذف مضاف: أي وبمثل هذا فنقول لو وقع منهم المكروه لكنا مأمورين بالاقتداء بهم لما سبق. لكن التالي باطل لأنه يقتضي الجمع بين متنافيين، وذلك كونه مأمورا به منهيا عنه لا أن وجه بطلان التالي قوله - قل إن الله لا يأمر بالفحشاء - كما يوهمه كلامه (قوله بل والمباح الخ) معطوف على المكروه: بلف وتعرف عدم وقوع المباح على الوجه الذي يقع من غيرهم، وهو وقوعه بحسب مقتضى الشهوة، بل يقع منهم لقصد التأسي بهم أو التقوّى به على الطاعة إذ أفعالهم عليهم الصلاة والسلام دائرة بين الواجب والمندوب. وحاصله أن

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام