لا على سبيل التأثير. وجعلها امام الحرمين معجزة من حيث فعلها الباري تعالى لا من حيث كونها مكتسبة. ومال إلى أن القدرة على ذلك معجزة وأورد عليه بأنه إذا وقع التحدي بنفس الحركة الخارقة للعادة فلا يمكن أن تكون القدرة معجزة، وإن كانت فعلا لله تعالى خارقة للعادة غير مكتسبة، لأن شرط ثبوت كون الخارق معجزة أن يكون مسبوقا بدعواه آية، فينبغي أن لا تكون القدرة معجزة إلا أن يتحدّى بها النبي وباقي العقيدة واضح.
(ص) فإن قلت: قد يتحدّى النبي بعدم الفعل كما قال عليه الصلاة والسلام «قد عصمني ربي» وكما قال نوح عليه السلام - ثم اقضوا إلي ّ ولا تنظرون - فقد وقع التحدّي بعدم الفعل كالضرب والقتل. فالجواب أن اعلامه واخباره بذلك على وفق ما ظهر هو المعجزة وهو فعل الله خلقه له، ومنهم من قبل هذا الاعتراض فزاد لإدخال ما ورد بعد قوله في شروط المعجزة وهو فعل الله أو ما يقوم مقامه.
(ش) هذا سؤال يتوجه على اشتراط كون المعجزة فعلا، وذلك أن المعجزة قد تكون عدم فعل لا فعلا كالتحدي بالعصمة من اذاية الخلق
التحدّي بهما فليسا بمعجزة (قوله لا على سبيل التأثير) أي بل على سبيل الكسب (قوله وجعلها) أي الأفعال الاكتسابية ومن جملتها ما جرى عليه الكلام (قوله من حيث الخ) أي من حيث تعلق قدرة الباري بها، وقوله: لا من حيث كونها مكتسبة: أي لا من حيث تعلق قدرة العبد بها (قوله ومال) أي امام الحرمين: أي ثم مال بعد ذلك: أي بعد قوله بأن المعجزة نفس الفعل الكسبي من حيث خلق البارئ له إلى أن المعجزة قدرة العبد على الفعل الكسبي (قوله ثبوت) الأولى حذفه (قوله أن يكون مسبوقا بدعواه الخ) أي والفرض أن القدرة لم يتحد ّ بها (قوله إلا أن يتحدّى بها النبي) أي والفرض أنه لم يتحد ّ بها فليست بمعجزة (قوله قد يتحدّى النبي) أراد بالنبي الجنس، وكان الأنسب أن يعبر بالرسول (قوله كما قال عليه الصلاة والسلام الخ) أي قال ذلك لما نزل قوله تعالى - والله يعصمك من الناس - فقد وقع التحدّي بالعصمة: أي عدم قتله (قوله ثم اقضوا إليّ) أي امضوا إلى أذيتي ولا تنظرون: أي ولا تمهلوني فلا تحصلون مقصودكم (قوله كالضرب والقتل) أي فقد تحدى كل ّ من سيدنا محمد وسيدنا نوح بعدمهما (قوله فالجواب الخ) حاصله أن المعجزة التي تحدّى بها ليست هي العصمة، بل اخباره بها على وفق ما هو حاصل في الحال اخبارا ناشئا عن علمه (قوله أن أعلامه الخ) الضمير للنبي الشامل لسيدنا محمد ولسيدنا نوح، وقوله: بذلك: أي بعدم الفعل، وفي بعض النسخ أن علمه: أي ادراكه وقد يقال العلم أمر خفي فلا يقع التحدي به، فالذي يقع التحدّي به في الحقيقة الاخبار الناشئ عن علمه (قوله على وفق ما ظهر) أي في الحال والاستقبال، فالمعجزة إخباره بعدم قتله في الحال والاستقبال، لأن شرط المعجزة أن لا تكون ماضية (قوله بعد قوله) أي المعرف للمعجزة (قوله أو ما يقوم مقامه) فيدخل بهذه الزيادة عدم الفعل (قوله يتوجه الخ) في التعبير بالاشتراط شيء إذ الفعل من ماهية التعريف، لأن المعجزة لا تتحقق بدونه فالمناسب أن يقول: يتوجه على أخذ الفعل في التعريف (قوله قد تكون الخ) تعليل (قوله كالتحدي الخ) الأولى أن يقول: