إلى حوادث لا أوّل لها، وقد مر ّ برهان بطلانه، وأيضا فالغرض إما مصلحة تعود إليه أو إلى فعله، والأوّل محال لاستلزامه اتصاف ذاته العلية بالحوادث، والثاني محال لعدم وجوب مراعاة الصلاح والأصلح ولأنه قادر على إيصال تلك المصلحة إلى العبد مثلا من غير واسطة ولأنه يلزم فيه تعليل الشيء بنفسه أو التسلسل لنقل الكلام إلى تلك المصلحة نفسها.
(ش) يعني أنك إذا عرفت استواء الأفعال بالنسبة إليه تعالى وأنه مختار في جميعها لا يجب عليه منها شيء لزم أن لا يكون له تعالى غرض في شيء منها: أي لا علة لشيء من الأفعال مشتملة على حكمة تبعثه على ايجاد ذلك الفعل أو اعدامه بل هو جل ّ وعلا مختار في كلا الأمرين، واستدل ّ في العقيدة على هذا المطلب بأوجه الأوّل. أنه لو كان له غرض في فعل من الأفعال لكان ذلك الفعل واجبا عليه لا يتأتى له تركه، وبيان الملازمة أن معنى الغرض أن يشمل الفعل على حكمة تبعثه عقلا على ايجاده بحيث يلزم نقصه لو لم يفعل هذا معنى الغرض،
أن الغرض إذا كان حادثا كان من جملة الأفعال فيفتقر إلى غرض، ثم ننقل الكلام لهذا فإن وقف على الغرض الأوّل لزم الدور وإن لم يقف لزم التسلسل وهما باطلان، وعلى هذا فالمراد بالتسلسل ما يشمل الدور وإن كان قوله بعد فيؤدي الخ يقتضي حمله على معناه الأخص (قوله إلى حوادث) أي إلى ثبوت حوادث (قوله وقد مر ّ بطلانه) هذا سند للاستثنائية المطوية القائلة: لكن التالي باطل وهو إثبات حوادث لا أوّل لها فالواو تعليلية، والمناسب بطلانها إذ الضمير عائد على حوادث (قوله وأيضا الخ) وجه آخر لإبطال الغرض باعتبار ذاته (قوله تعود الخ) أو مانع خلو ّ تجوّز الجمع (قوله والأوّل) أي كون الغرض مصلحة تعود إليه ... (قوله بالحوادث) هي المصلحة العائدة عليه (قوله ولأنه يلزم الخ) هذا سند لإبطال كون فعله تعالى لمصلحة مطلقا سواء كانت عائدة على الخلق أو على الخالق، ووجه لزوم ما ذكره أن الغرض إذا كان مصلحة فالمصلحة لا بد ّ لها من مقتض لخلقها، وذلك المقتضي ان كان نفسها لزم تعليل الشيء بنفسه وان كان شيئا آخر نقلنا الكلام لذلك الثاني، فيلزم إما تعليل الشيء بنفسه أو التسلسل والضمير المنصوب بان والمجرور بفي عائدان على الغرض الذي هو المصلحة ... (قوله لنقل الكلام الخ) سند للزم بحسب طرفيه: أعني تعليل الشيء بنفسه والتسلسل (قوله وأنه مختار في جميعها) عطف تفسير لاستواء الأفعال بالنسبة إليه فيكون مرجع الاستواء هو ما ذكر لكن لا يخفي أن ثبوت كونه تعالى مختارا لم يتقدّم صراحة، بل بحسب الاستلزام والذي تقدّم صراحة نفي الوجوب ولذا اقتصر عليه في المتن (قوله مشتملة على حكمة) الحكمة ما يحصل من ترتب الحكم على العلة من جلب مصلحة أو دفع مضرة، وأما العلة فهي الأمر الباعث على الشيء مثلا العمد العدوان علة في القصاص والحياة الحاصلة من ترتب القصاص على القتل العمد العدوان حكمة (قوله تبعثه الخ) وأما مجرد الحكمة والمصلحة فلا تنكر فأفعال الله محكمة متقنة مشتملة على حكم ومصالح لا تحصى راجعة لمخلوقاته لكنها ليست أسباب باعثة على إقدامه ولا عللا مقتضية لفاعليته فلا تكون أغراضا له ولا عللا غائية لأفعاله حتى يلزم استكماله بها (قوله على هذا المطلب) أي وهو نفي الغرض في أفعاله (قوله لا يتأتى الخ) تأكيد للوجوب (قوله أن يشمل الفعل الخ) خبران فهو تفسير للغرض وما مر ّ يقتضي أن الغرض هو العلة المشتملة