فهرس الكتاب
الصفحة 418 من 517

فالأصلح في حقك موتك صغيرا كما فعلت بك لسلامتك من الخلود في النار التي هي أعظم غنيمة فكيف وقد زدتك على ذلك مالا يكيف من نعيم الجنة، فقال له الشيخ: فإذن يقوم الثالث الذي مات كبيرا كافرا بل وكل ّ كافر من دركات لظى فيقول يا رب ّ كنا نرضى منك بأدنى من مرتبة هذا الصبي فما بالنا لم تمتنا صغارا قبل التكليف، وقد علمت منا الكفر بعده كما فعلت بهذا الصبي فبهت الجبائي ولم يقدر أن يجيب بكلمة، فقال له الشيخ رضي الله تعالى عنه: وقف حمار الشيخ في العقبة ثم قال تعالى أن توزن أحكام ذي الجلال بميزان الاعتزال. وأما المنقول فقوله تعالى - لا يسأل عما يفعل وهم يسألون - وقوله تعالى - ولو شاء ربك لجعل الناس أمّة واحدة - ونحو ذلك مما هو كثير (قوله: فأكرم سبحانه من شاء إلى آخره) يشير إلى أن الأعمال ليست علة عقلية لاستحقاق ثواب ولا عقاب لما عرفت من وجوب استواء الأفعال كلها بالنسبة إليه تعالى، وما أثيب عليه منها أو عوقب فهو بمحض فضله تعالى أو عدله، وإنما الأفعال علامات مخلوقة لله تعالى

فكان المناسب أن يقول: وأما الكبير الكافر في النار والمؤمن في الدرجات العلى في الجنة فيجعل المقابل للصغير الكبير ويقسمه لمؤمن وكافر (قوله فالأصلح) الأولى فالصلاح (قوله التي هي) أي السلامة (قوله بل وكل كافر) لا محل لهذا الانتقال، لأن المقصود هو ذلك وإن كان الفرض في واحد (قوله فيقول) الأولى فيقولون كما في بعض النسخ (قوله فبهت الجبائي) أي انقطعت حجته ولم يقدر أن يجيب بكلمة، وبهت يستعمل مبينا للفاعل والمفعول مثلث العين (قوله وقف حمار الشيخ) أي الجبائي ووقوف حماره كناية عن عجزه كما يعجز الحمار في العقبة، ويصح أن تكون الاضافة من اضافة المشبه به للمشبه (قوله ثم قال) أي الشيخ (قوله تعالى الخ) أي تنزه وزن أحكام ذي الجلال بميزان الاعتزال: أي قواعده كقولهم: يجب على الله فعل الصلاح والأصلح، وأحكام ذي الجلال مثل قولهم: الرزق واجب عليه كما العقل واجب عليه لأن ذلك صلاح، فمعنى وزن تلك الأحكام بالقاعدة اثباتها بها بأن يقال: الرزق مثلا صلاح وكل صلاح واجب عليه، فالرزق واجب عليه وهكذا (قوله وأما المنقول) عطف على أما المعقول (قوله لا يسأل عما يفعل الخ) هذا يرد ّ قول المعتزلة: لو لم يفعل المولى بعبده ما هو أصلح له لكان له الخصومة معه ويطالبه بحقه، فقولهم هذا باطل لأنه لا يسأل عما يفعل (قوله ولو شاء ربك الخ) فيد رد ّ على المعتزلة في قولهم: إن الله لم يترك شيئا مما هو صلاح للعبد عاجلا وآجلا إلا فعله، وأنه فعل بكل عبد الألطاف التي يقدر عليها، وليس في الوسع لطف يعم ّ الناس جميعا: أي ليس له عنده لطف لو خلقه للناس لآمنوا جميعا، وكأنهم لا يعدّون هذا عجزا، بل هذا مستحيل عندهم لا تتعلق به القدرة (قوله ونحو ذلك) أي ما ذكر من الآيتين، والحديث السابق: أعني قوله صلى الله عليه وسلم «القدرية خصماء الله في القدر» (قوله ليست الخ) بل علامة شرعية عليهما (قوله لما عرفت الخ) أي وإذا كانت مستوية بالنسبة إليه، فكيف يكون بعضها علة في الثواب وبعضها علة في العقاب كما قال الخصوم؟ (قوله من وجوب استواء الأفعال) أي أفعال لعبد كلها بالنسبة إليه تعالى من حيث اسنادها له تعالى من غير واسطة (قوله منها)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام