فهرس الكتاب
الصفحة 416 من 517

أن ينتهي إلى حد ّ الالجاء، وأوجبوا كمال عقل من يريد تكليفه واقداره وازاحة العلل عنه التي تمنعه من أداء ما كلف به، حتى إنه لو أحل بذلك لكانت لهم خصومة له ومطالبة بحقهم، تعالى عما يقوله الظالمون علوا كبيرا. ولقد صدق فيهم قوله صلى الله عليه وسلم «القدرية خصماء الله في القدر» ثم دليل فساد مذهبهم، ودليل صحة ما يقول أهل الحق المعقول والمنقول. أما المعقول فإنه سبحانه فاعل بالاختيار لا بالإيجاب والطبيعة، وقد سبق برهان ذلك فلو وجب عليه فعل لما كان مختارا فيه إذ المختار هو الذي يتأتى منه الفعل والترك، ولأن الموجب في حقه إن كان قديما لزم قدم الفعل، وقد سبق لزوم وجوب الحدوث لما سواه جل وعز وإن كان حادثا لزم اتصاف ذاته تعالى بالحوادث وقد سبق استحالتها عليه، فهو سبحانه لا يتجدّد له بفعل من الأفعال كمال ولا بتركه نقص، بل هو الكامل بذاته وصفاته في أزله وفيما لا يزال، وإنما الأفعال دلتنا نحن على

والأجل (قوله أن ينتهي) أي المكلف (قوله إلى حد الالجاء) أي إلى الحد الذي هو الالجاء: أي بأن يسلب الاكتساب والاختيار بحيث يكون العبد مضطرا لأن هذا يخرج عن اللطف وهو قبيح عندهم لأنهم يحيلون الالجاء ويوجبون إقدار العبد المكلف كما ذكره المصنف بعد (قوله وازاحة) أي اذهاب، وقوله: عنه: أي المكلف (قوله حتى أنه) غاية لوجوب كمال عقل الخ، وضمير أنه وفاعل أحل يعود على الله (قوله بذلك) أي بكمال عقل الخ (قوله لكانت لهم) أي للعباد (قوله خصومة له) أي لله تعالى ويطالبونه بحقوقهم (قوله عما يقوله الظالمون) أي من وجوب شيء عليه ومخاصمة أحد له إذ لا يجب عليه شيء ولا حق لأحد عليه حتى أنه يخاصمه بترك حقه (قوله في القدر) أي المقدور لأنهم يثبتون مخاصمة العبيد لله ومنازعتهم له فيما قدره عليهم من عجز ونحوه ومطالبتهم إياه بحقهم فينسبون الظلم للمولى سبحانه في إنزاله العمى مثلا بهذا الرجل ويقولون لهذا الرجل مخاصمة المولى في انزاله العمى ومطالبته بحقه والظاهر أن هذا الحديث من باب الاخبار بالمغيبات وبما هو آت فهو آية من آياته صلى الله عليه وسلم ويفهم من هذا أن وجه تلقيبهم بالقدرية اثباتهم المنازعة في القدر فنسبوا إليه (قوله لا بالايجاب) أي العلة وكان المناسب اسقاط قوله: لا بالإيجاب والطبيعة لأنه يوهم أن الخصوم يقولون أنه فاعل بهما، وليس كذلك إذ هم يوافقونا على القول بأنه سبحانه فاعل بالاختيار وأن الفاعل بالاختيار هو الذي يتأتى منه الفعل والترك (قوله برهان ذلك) أي كونه فاعلا بالاختيار لا بالعلة والطبيعة (قوله فلو وجب عليه فعل الخ) فاذا كان أمران أحدهما صلاح أو أصلح تعذر فعل الآخر على زعمهم وتعين أنه يفعل الصلاح أو الأصلح، وإذا تعين عليه ذلك لم يكن مختارا في فعله (قوله إذ المختار الخ) بيان للملازمة (قوله ولأن الموجب الخ) أي الذي أوجب عليه تعالى فعلا من الأفعال (قوله لزم قدم الفعل) أي لأن أثر الموجب القديم قديم. لكن قد يقال قد ينشأ عن القديم حادث (قوله وإن كان حادثا) يعني وقلنا أنه قائم بذاته تعالى (قوله فهو الخ) أي وإذا علمت أنه لا يجب عليه فعل من الأفعال عملا بما ذكر من الأدلة فهو الخ (قوله بل هو الكامل الخ) راجع لمضمون قوله في المتن: لا يتطرق لذاته العلية من ذلك كمال ولا نقص وقوله: في أزله الخ راجع لمضمون قوله في المتن: كان الله ولا شيء معه الخ (قوله وإنما الأفعال الخ)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام