فهرس الكتاب
الصفحة 411 من 517

وهو محال، وقد تقدّم مثل هذا عند ذكر جوابهم عما ألزموه من عدم رؤية الإنسان أكثر من حدقته.

(ص) ولو سلم ذلك كله فرؤية الله تعالى لكل موجود ولا بنية ولا شعاع وليس في جهة ولا مقابلة يهدم ما أصلوه، وأيضا فما ثبت من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم الجنة من موضعه مع غاية البعد وكثافة الحجب الكثيرة بمنع ما تخيلوه من الأشعة والموانع.

(ش) لا شك أنه مما يجب له سبحانه وتعالى كونه بصيرا يتعلق بصره بكل موجود كما سبق ومعلوم استحالة

بعد رؤية الهواء على رؤية ما قابله وهو الجسم الكبير، وحينئذ فيلزم مساواة الصغير الذي هو الرائي الكبير. بقي شيء وهو أن المعتزلة صرحوا بأن الهواء لا يرى للطافته لأن من شرط الرؤية كثافة المرئي، وحينئذ فلا يعقل الرد ّ عليهم بهذا الكلام (قوله وهو) أي اللازم المذكور (قوله محال) لأنه مساواة الصغير الذي هو الرائي للكبير الذي هو الهواء المعين (قوله وقد تقدّم مثل هذا) أي مثل الجواب المذكور، والمناسب إسقاط قوله جوابهم بأن يقول، وقد تقدّم مثل هذا عند ما ألزموه ومصدوق المثل في المقام هو الجواب المتقدّم بقوله: وأيضا ما باله رأى من الهواء نفسه أكثر من حدقته الخ (قوله ولو سلم ذلك) أي ما ذكره الخصوم من الأجوبة التي ارتكبوها في دفع ما أورده عليهم الأصحاب (قوله فرؤية الله الخ) المصدر مضاف للفاعل واللام للتقوية وهذا مبتدأ خبره جملة يهدم الخ (قوله ولا بنية) أي حدقة والواو للحال (قوله وليس في جهة الخ) أي وليس ذلك الموجود المرئي في جهة بالنسبة للرائي الذي هو الرب بحيث يكون ذلك المرئي أمام الرب أو خلفه الخ (قوله يهدم) فاعله ضمير الرؤية وذكر الضمير باعتبار ما ذكر (قوله يهدم ما أصلوه) أي ما جعلوه أصلا في الرؤية من اشتراط الحدقة وخروج الأشعة منها وكون المرئي في جهة ومقابلا للرائي وعدم القرب والبعد المفرطين، ولا يخفى عليك أن كلام الخصوم في الرؤية بالحاسة فكيف يهدمه ما هو بالنسبة إليه تعالى فهذا خروج عن موضوع المسئلة (قوله وأيضا الخ) النقض عليهم بذلك إنما ينهض إذا كانوا يسلمون أنه صلى الله عليه وسلم رآها بحاسة بصره وهو في موضعه وهي بموضعها وبينه وبينها تلك الحجب، وأما إذا قالوا أنها نقلت له وقربت له حتى رآها أو قرب موضعه لها فلا ينهض على أنهم لا يقولون بوجود الجنة في دار الدنيا ويحملون الحديث على أنها صورت له ورآى صورتها وهو في محله، وحينئذ فلا ينهض الرد عليهم بذلك (قوله فما ثبت) أي في الحديث (قوله من موضعه) أي وهو في موضعه (قوله مع غاية البعد) إذ هي في الفلك الثامن وهو فوق الأرض (قوله يمنع ما تخيلوه) هو المعبر عنه أوّلا بما أصلوه وعبر عنه بالتخيل إشارة إلى أنه لا ثبات له وذلك لأن المخيلة قوّة تتعلق بما لا تحقق له في الخارج (قوله من الأشعة) أي من اشتراط في مقام الرؤية إذ لو كانت رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بانبعاث أشعة لما وصلت من هذا البعد العظيم المفرط (قوله والموانع) أي وانتفاء الموانع كالقرب والبعد المفرطين (قوله يتعلق بصره) الأولى كونه بصيرا لأن الكلام مع المعتزلة المنكرين

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام