والعلة إنما تقتضي حكمها إذا وجدت في محلها، فإن صحة خلق الجواهر معلل بامكانها بالنسبة إلى الله تعالى لأن الخلق إنما يصح منه ولا يصح بالنسبة الينا. وجوابه أن العلة العقلية لا يتخلف حكمها عنها بحال، وقدرتنا لا تؤثر وقدرة البارئ تعالى مؤثرة، ونسبتها إلى سائر الممكنات نسبة واحدة، ولذلك قلنا أن البارئ تعالى قادر على كل الممكنات وموجد لها، وليس للعبد قدرة على ايجاد ممكن ألبتة. الثاني عشر: ان هذه الحجة تنتقض بالوجهين اللذين ذكرهما الامام الفخر، وقد تقدّما. وزادت البهشمية سؤالا، وهو أن الرؤية لو تعلقت بالوجود لما أدركنا اختلاف الأشياء. وجوابه أنا إذا
لكن ما المانع من أن يكون الوجود معتبرا علة لصحة الرؤية في طرف الممكن دون الواجب، وحينئذ فالواجب لا يرى، وقوله: والعلة الخ: أي لأن العلة إنما تقتضي الخ: أي انها إنما تقتضي الحكم لمن قامت به، فالوجود بالنسبة إلينا يقتضي كوننا مرئيين بعضنا لبعض ولا يقتضي: أي ذلك الوجود القائم بنا كون المولى مرئيا لما يلزم عليه أن العلة وهي الوجود القائم بنا اقتضت حكما في غير محلها وهو كون المولى مرئيا واقتضاء العلة حكما في غير محلها باطل، وقوله: بالنسبة إلى الله متعلق بالصحة فالمناسب تقديمه على الخبر: وحاصله أن الوجود كما هو علة في صحة رؤيتنا لا في رؤية الباري كذلك الامكان فإنه علة في صحة الخلق بالنسبة إلى الباري لا بالنسبة إلينا فالتنظير في الخصوص فقط (قوله وجوابه أن العلة الخ) حاصله أن العلة العقلية متى وجدت وجد معلولها ولا يتخلف حكمها بحال لا في القديم ولا في الحادث والوجود كما ثبت للعبد ثبت للرب وحينئذ فلا وجه لجعل الوجود علة لصحة الرؤية بالنسبة إلينا. وأما قول المعترض والعلة الخ، فهذا غير متجه لأن المجعول علة الوجود المطلق لا الوجود بالنسبة الينا وهذا منع للسند. ثم أشار لرد ّ التنظير بقوله: وقدرتنا الخ. وحاصله أنا لا نسلم أن الامكان علة لصحة الخلق، بل العلة لصحة الخلق القدرة المؤثرة ولم توجد إلا في الرب، وحينئذ فلا يعقل هنا التعميم لأن القدرة المؤثرة خاصة به تعالى بخلاف علة الرؤية فإنها الوجود وهو عام، وعلى هذا فالإمكان شرط لا علة كما فهم المعترض. والحاصل أن العلة في الخلق القدرة المؤثرة بشرط كون المخلوق ممكنا والقدرة المؤثرة خاصة به تعالى، وقد يقال العلة العقلية تقتضي حكمها لذاتها فلا تتوقف في اقتضائها لحكمها على وجود شرط ولا انتفاء مانع (قوله بحال) أي في القديم والحادث (قوله لا تؤثر) أي في كل الممكنات (قوله مؤثرة) أي في كل الممكنات (قوله ونسبتها) أي من حيث التأثير والواو للتعليل (قوله وموجد لها) أي للممكنات: أي التي تحققت في الخارج (قوله هذه الحجة) أي المسلك الذي ارتكبه الأصحاب في صحة رؤيته تعالى، وهي المولى موجود وكل ّ موجود تصح رؤيته (قوله اللذين ذكرهما الامام الفخر) أي اعتراضا على بيان الكبرى بالسبر حيث
قال: وهذا السبر عندي ضعيف لأنه يقال: الجوهر والعرض مخلوقان الخ (قوله وزادت) أي على ما عند الامام من الأسئلة (قوله البهشمية) أي أتباع أبي هاشم الجبائي (قوله لو تعلقت بالوجود) أي فقط من غير ادراك سواد أو بياض مثلا (قوله لما أدركنا اختلاف الأشياء) أي عند الرؤية لها لكن التالي باطل، لأنا إذا رأينا انسانا وحمارا مثلا أدركنا اختلافهما بالرؤية قطعا، وإذا بطل