كيف وهو قد صرح مما ارتضاه من الأجوبة عنها كحمل الادراك على ما هو أخص من الرؤية ونحوه، فشأن المتكلم معه أن يحاول تصحيح الجواب الذي اعترضه أن قدر لا أنه يسلم له ذلك الاعتراض ثم يقول عندنا أجوبة أخرى غير ما اعترضت توجب صرف الآية عن الاستدلال بها على نفي الرؤية لأن ابن التلمساني يوافق على ذلك بل صرّح به. نعم لو كان الكلام مع المعتزلي المستدّل بالآية على مذهبه الفاسد لحسن أن ينتقل معه جواب يعترضه إلى جواب آخر يسلم من الاعتراض لأن مقصوده هو بالاعتراض تصحيح مذهبه والدفع عنه لا خصوصية ذلك الجواب الذي يعترضه، ومما تمسك به المعتزلة قوله تعالى - لن تراني - ولن قالوا تفيد التأييد بدليل قوله تعالى - قل لن تتبعونا - والمراد هنا التأييد والمجاز والنقل على خلاف الأصل، فوجب أن يقال أن موسى عليه السلام لن يرى الله ألبتة، وكل من قال أن موسى لن يرى الله ألبتة قال إن غيره لن يراه. والجواب أن هذا يدل على كونه تعالى جائز الرؤية لأنه لو كان ممتنع الرؤية لقال لا تصح رؤيتي أو لن تمكن رؤيتي أو لا أرى ونحو هذا، ألا ترى أن كان في كمه حجر فظنه بعضهم طعاما، فقال أعطني هذا لآكله كان الجواب الصحيح له إن هذا لا يؤكل. أما إذا كان طعاما يصح أكله، فحينئذ يصح أن يقول المجيب إنك لن تأكله وهذا واضح. والجواب عن قولهم إن لن للتأييد ممنوع لقوله في اليهود - ولن يتمنوه أبدا - وهم يتنمونه في النار، ثم إن الآية جواب للسؤال موسى عليه السلام وهو إنما سأل رؤية ناجزة في الدنيا، فالجواب يعود إلى سلب رؤيته في الدنيا
الآية التي استدل بها المعتزلة (قوله كيف الخ) الاستفهام للاستبعاد: أي بعيد أنه يوافقهم على ذلك والحال أنه: أي شرف الدين قد صرح الخ والضمير في قوله عنها راجع للآية (قوله فشأن المتكلم) هو ابن ذكرى والضمير في معه لابن التلمساني، وقوله تصحيح الجواب: أي الذي أجاب به الفخر سابقا وهو أن الآية من قبيل سلب العموم (قوله الذي اعترضه) أي ابن التلمساني حيث قال إن الآية لا تفيد عموم السلب ولا نسلم أنها إذا دلت على نفي العموم لا تدل على عموم السلب فإنه لا ينافيه (قوله على ذلك) أي على أن هناك أجوبة عن الآية غير هذا الجواب المعترض (قوله على مذهبه الفاسد) هو نفي الرؤية (قوله يعترضه) أي المعتزلي، وقوله لأن مقصوده هو: أي المعتزلي (قوله لا خصوصية ذلك الجواب) الأولى لا خصوصية الاعتراض على الجواب: أي أن مقصوده تصحيح مذهبه لا الاعتراض فاذا قال المعتزلي لا نسلم أن الآية من سلب العموم بل من عموم السلب بقرينة التمدح فليس قصده اعتراض الجواب فقط بل تصحيح مذهبه (قوله ومما تمسك به الخ) المناسب للسياق أن لو قال، وأما قوله تعالى - لن تراني - الخ (قوله ولن قالوا تفيد التأييد) تعليل لما قبله، وإفادتها ذلك حقيقة لغوية فيها والقرآن وارد على ذلك (قوله لن تتبعونا) أي فلن في هذه الآية مفيدة للتأييد باتفاق فينتقل لمحل النزاع (قوله والمراد الخ) أي فاللفظ باق على حقيقته وليست لن مجازا في النفي للحال ولا نقلت لذلك على وجه الحقيقة العرفية، وقوله: والمراد الخ يغني عنه قوله ولن تفيد التأييد لأن المراد تفيده على وجه الحقيقة بدليل سنده بعد (قوله والنقل) أي الحقيقة العرفية والشرعية كالدابة والصلاة (قوله خلاف الأصل) أي الغالب، وحينئذ فلا يرتكب إلا لدليل (قوله أن ّ هذا) أي لن تراني (قوله ممنوع) خبر لمبتدأ محذوف أي والجواب عن ذلك أن تقول هو ممنوع الخ (قوله يتمنونه) أي الموت (قوله فالجواب الخ)