فهرس الكتاب
الصفحة 372 من 517

في حقه تعالى وما يستحيل وهو مقابله شرع في ذكر ما يجوز. واعلم أنه ليس المراد من هذا القسم رجوع الجواز إلى صفة من صفات ذاته تعالى عن ذلك، بل إلى تعلقها بفعل من أفعاله جل وعز، إذ يستحيل أن يتصف سبحانه وتعالى بصفة جائزة لما عرفت من وجوب الوجود لذاته وجميع صفاته ولو اتصف تعالى بجائز لكان متصفا بالحوادث إذ الجائز لا يكون إلا حادثا، ويتعالى سبحانه عن ذلك. وإذا عرفت هذا فمعنى كون الرؤية جائزة في حقه تعالى أنه يجوز أن تتعلق قدرته تعالى بإيجادها لخلقه فيخلقها لهم على وفق مراده، ويجوز أن لا يخلقها تعالى لهم لا يستحيل في حقه تعالى خلقها ولا يجب. وقالت المعتزلة: بل خلق الله تعالى لهذه الرؤية مستحيل، احتج أهل السنة على الجواز بالسمع والعقل. أما السمع: فقوله تعالى -وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة - وذلك لأن النظر إذا تعدى بحرف إلى كان ظاهرا في معنى الرؤية، ويؤكد أن المعنى ّ بهذا النظر الرؤية اسناد هذا النظر إلى الوجه الذي هو محل العين الباصرة. وحمل الجبائي النظر في الآية على معنى الانتظار، وجعل إلى اسما بمعنى النعمة مفرد الآلاء مضافا لما بعده لا حرف جر ّ والمعنى عنده منتظرة نعم ربها فإلى عنده مفعول بناظرة، ورد ّ بأنه لو أريد ذلك لما اختص باسناده إلى الوجوه ولم يكن التقييد بالظرف وهو يومئذ معنى، فإن المؤمنين لم يزالوا في الدار الدنيا منتظرين نعمة الله تعالى وآلاءه سبحانه بل الكفار في الدنيا كذلك، ومن الأدلة السمعية سؤال موسى

بالدليل، وما عدا ذلك فيجب معرفته إجمالا فنعتقد أنه تعالى يتصف بكل كمال (قوله في حقه) أي لذاته (قوله أنه) أي الحال والشأن (قوله من هذا القسم) أي الذي هو الجائز (قوله رجوع الجواز الخ) أي بأن يكون الجواز صفة له تعالى، أو تكون صفة من صفاته تتصف بالجواز (قوله بل إلى تعلقها) أي بل رجوع الجواز إلى تعلق الصفة بفعل الخ، والضمير في تعلقها عائد على الصفة ومصدوقها في المقام القدرة والارادة (قوله بصفة) أي وجودية أو حال، أما اتصافه بصفة اعتبارية جائزة فلا ضرر فيه ككونه قبل العالم أو بعده أو معه، فإن هذا أمر جائز لأنه يجوز أن لا يوجد العالم فلا يعتبر حينئذ كون المولى قبل العالم ولا بعده ولا معه (قوله لما عرفت الخ) هذا لا يظهر بالنسبة لصفات الأحوال إلا أن يراد بالوجود الثبوت أو أنه جرى هنا على نفي الأحوال (قوله إذ الجائز) أي المتقرر بعد العدم (قوله ويتعالى الخ) أي لكن اتصافه تعالى بالحوادث باطل لأنه يتعالى الخ (قوله هذا) أي أن مرجع الجواز لتعلق القدرة بالممكنات (قوله بإيجادها) أي الرؤية: أي بمتعلق إيجادها وهو الوجود (قوله بالسمع والعقل) أي بالدليل السمعي والدليل العقلي (قوله وذلك) أي وبيان الاستدلال بهذه الآية على جواز الرؤية (قوله بحرف إلى) الاضافة بيانية، فإن تعدى بنفسه كان بمعنى الانتظار، أو بعن كان بمعنى التفكر، أو باللام كان بمعنى العطف (قوله أن المعنى) أي المقصود (قوله بهذا النظر) أي الواقع في الآية (قوله إلى الوجه) الأولى إلى الوجوه (قوله بأنه) أي الحال والشأن (قوله لما اختص الخ) لأن الوجوه ليست منتظرة للنعم وحدها، بل الذات بتمامها ولا مقتضى لكون الوجوه بمعنى الذوات مجازا مرسلا، وفاعل اختص ضمير النظر (قوله يومئذ) أي يوم القيامة (قوله لم يزالوا) الأحسن التعبير بلن أولا بدل لم (قوله ومن الأدلة الخ) عطف على قوله: أما السمع الخ،

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام