ولا ينفعهم ما يجيبون به من عدم لزوم عجزه تعالى عن ذلك الفعل الذي أوجده عبده، قالوا لأنه تعالى قادر أن يوجد ذلك الفعل بأن يسلب عبده القدرة عليه والارادة له ويلجئه إلى الفعل كما يفعل بالمرتعش ونحوه، لأنا نقول عجز الاله وكونه مغلوبا على إيجاد ممكن مّا مستحيل مطلقا، وهذا الجواب منهم قد اقتضى أنه تعالى لا يتمكن من إيجاد فعل العبد إلا عند عدم قدرة العبد وارادته. أما مع وجودهما فإن ذلك الفعل الممكن يتعاصى عليه ولا يتمكن من إيجاده ويغلبه عليه قدرة العبد وارادته، فما أشبه ضلالهم هذا بمن يصف إنسانا بقدرة عظيمة لا يغلبه معها قدرة أحد ولذلك الانسان عبيد، ويقول إن ذلك السيد القوي ّ في غاية لا يغلب واحدا من أولئك العبيد إلا إذا احتال عليه بأن يسلبه أسباب القدرة من الأكل ونحوه حتى لا تكون للعبد قدرة أصلا. أما إذا مكنه من الاتصاف بقدرة، وإن كانت أضعف بكثير من قدرته لم يقدر أن يفعل معه فعلا تتوجه إليه قدرة ذلك العبد وارادته، وصارت قدرة ذلك العبد وارادته يغلبان قدرة سيده الموصوف بغاية القوة، هذا نظير ما تخيلوه من الجواب فنعوذ بالله من الخذلان وأن تلعب بعقولنا التوهمات والشيطان، على أن جوابهم المذكور لا يستقيم على أصلهم الفاسد من وجوب مراعاة الصلاح والأصلح عليه تعالى وأنه يستحيل في حقه تعالى أن يسلب العبد القدرة التي خلق له بعد أن كلفه، بل يجب أن يمدّه بما تيسر به عليه الأفعال، وإذا عرفت هذا عرفت أن الصواب ما قاله أهل السنة، ودل ّ عليه ظاهر الكتاب والحديث، وأجمع عليه السلف الصالح قبل ظهور البدع من أن الله تعالى هو الخالق بالاختيار لكل ممكن يبرز إلى الوجود ذاتا كان أو قولا لها أو فعلا لا يشاركه تعالى
مغلوبا ناقصا محال. أما وجود الذات عاريا عن وصف الألوهية فلا يمتنع (قوله ولا ينفعهم الخ) سيأتي له ذلك في المتن فكان المناسب أن ينبه على ذلك هنا بأن يقول وما أجابوا به فسيأتي رده ويؤخر الكلام عليه إلى ذلك الموضع (قوله قالوا) أي في الجواب (قوله القدرة عليه والارادة له) أل فيهما بدل من الضمير (قوله كما يفعل) أي الله بالمرتعش ونحوه: أي من سلبه قدرته على ذلك الفعل وإرادته له (قوله وهذا الجواب الخ) أي فلا يكون نافعا لهم في عدم لزوم العجز (قوله فعل العبد) أراد بفعله ما هو جار على يديه (قوله يتعاصى عليه) أي على الله (قوله ويغلبه عليه) أي ويغلب الاله في ذلك الفعل فعلى بمعنى في (قوله قدرة العبد) فاعل يغلب (قوله بمن يصف) أي بضلال من يصف (قوله في غاية) أي مع كونه في غاية من القوّة (قوله بأن يسلبه الخ) تصوير للاحتيال أشار به إلى أن السيد لا يقدر على سلب القدرة وإنما يقدر على سلب أسبابها كالأكل (قوله مكنه) أي مكن السيد العبد (قوله وإن كانت الخ) حال (قوله التوهمات) أي الأمور الوهمية (قوله على أن جوابهم الخ) أي سلمنا ما ذكروه من الجواب وأنه يندفع به ما لزمهم من عجز الاله لكن هذا الجواب لا يستقيم الخ (قوله من وجوب الخ) أي وجوبا عقليا (قوله وأنه الخ) الضمير للشأن والعطف على وجوب من عطف اللازم (قوله بعد أن كلفه) أي وقبل تكليفه أيضا كما تقتضيه قواعدهم (قوله بما) أي بقدرة