فهرس الكتاب
الصفحة 322 من 517

فلا نعلم أنه فعله ولا يتم ذلك إلا بعد اثبات أن هذا الخارق كإحياء الموتى مثلا لا يفعله غير الله تعالى عز وجل وذلك يتوقف على اثبات الوحدانية. نعم آي القرآن مرشدة إلى وجه الاستدلال العقلي على الوحدانية كقوله - لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا - وقال تعالى - إذا لذهب كل ّ إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض - فالآية الأولى كاشفة لوجه الاستدلال على ابطال إلهين علمي القدرة والارادة والعلم، وسائر الصفات لما يفضي إليه من الفساد والتمانع المانع من وقوع الممكنات، والآية الأخرى مرشدة إلى ابطال قول من يدعي فاعلين يقدر كل واحد منهما على غير ما يقدر عليه الآخر كما قال الثنوية بتمييز فاعل الخبر عن فاعل الشر ّ، فإن كل واحد منهما يذهب بما خلق، ويلزم علو كل واحد منهما على الآخر للاستغناء عنه بما يفعله الآخر فيكون عاليا بذلك والاله يعلو ولا يعلى عليه، قيل ولا يعرف أحد من العقلاء يثبت فاعلين على النعت الأوّل، بل كل ّ من أثبت فاعلا غير الله عز وجل لم يثبت له عموم تأثير انتهى كلام ابن التلمساني، فأنت ترى كيف مال إلى عدم الاكتفاء بالسمع في معرفة الوحدانية

يا عبدي في دعواك أنك رسولي (قوله فلا نعلم أنه) أي ذلك الخارق فعله: أي فعل مرسله لجواز أن يكون فعله غيره فلا يكون الرسول صادقا في دعواه أنه رسول الله أو رسول من خلق ذلك الحادث (قوله ولا يتم ذلك) أي أنه فعله: أي العلم بأنه فعله (قوله اثبات) أي ثبوت (قوله وذلك) أي ثبوت أن هذا الخارق لا يفعله إلا الله (قوله يتوقف الخ) أي فآل الأمر إلى أن ثبوت النبوّة متوقف على الوحدانية وهو المطلوب (قوله نعم الخ) دفع لما يتوهم من أن آي القرآن كما لا يستدل بها لا ترشد (قوله إلى وجه الاستدلال العقلي) المراد بالوجه الكيفية لا وجه الدليل وهو الحد ّ الذي ينتقل منه الذهن إلى المطلوب (قوله لفسدتا) أي لم توجدا لحصول التمانع لكن التالي باطل فبطل المقدم فالآية أفادت كيفية الاستدلال بأن تأتي بمقدمة شرطية وتستثنى التالي فيبطل المقدم فيثبت نقيضه (قوله إذا لذهب الخ) يعني لو كان معه إله لتوجه كل واحد إلى مخلوقه يدافع عنه الغير كما هو عادة ملوك الدنيا ولعلى بعضهم على بعض لكن التالي باطل فبطل المقدم (قوله فالآية الأولى الخ) بيان لنكتة تعداد الآي في المقام والاقتصار على الآيتين واللام في لوجه للتقوية (قوله على إبطال إلهين) أي على إبطال ثبوت إلهين (قوله لما) اللام بمعنى الباء متعلقة بالاستدلال (قوله يفضي) أي ثبوت الالهين (قوله والتمانع) عطف سبب (قوله كما) ما مصدرية (قوله فإن كل واحد الخ) مرتبط بإبطال (قوله ويلزم الخ) فيه أن الذهاب لازم كما هو ظاهر الآية (قوله على الآخر) هو المستعلى عليه (قوله بما يفعله الآخر) هو المستعلى (قوله فيكون) أي الآخر المستعلى، وقوله: عاليا عليه: أي على الآخر المستعلى عليه، وقوله: بذلك: أي بما يفعله ذلك الآخر المستعلى (قوله والاله يعلو الخ) في قوّة قولنا: لكن التالي باطل لأن الاله الخ (قوله على النعت الأوّل) أي من كون كل منهما عام القدرة والعلم وسائر الصفات (قوله فأنت ترى) أي تراه: أي ابن التلمساني (قوله كيف مال الخ) أي حيث قال: ويرد على تلك المقالة أنا لا نسلم أن العلم بصحة النبوّة لا يتوقف على العلم يكون الاله واحدا (قوله في معرفة الوحدانية) أي في الوحدانية المعروفة

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام