وافتقارها إلى المخصص وذلك لا يختلف بكونها خيرا أو شرا فإنهما أمران إضافيان ليسا من صفات نفس الأفعال، فإن قتل الشخص المعين شيء واحد قد يكون شرا بالنسبة إلى أوليائه وخيرا بالنسبة إلى أعدائه، وإذا تحقق أن الحسن والقبيح يرجعان إلى الشرع، فمعنى الحسن هو المقول فيه افعلوه، ومعنى القبيح هو المقول فيه لا تفعلوه وذلك لا يتحقق إلا بالنسبة إلى العباد فالأفعال كلها بالنسبة إلى الله تعالى حسنة إذ معنى الحسن ما لفاعله أن يفعله وما ورد الثناء على فاعله والأفعال كلها بالنسبة إلى الله تعالى كذلك لأن له تعالى أن يفعل كل ممكن وهو المثنى عليه بكل كمال. وأما قول المعتزلة فاعل الشر شرير فليس بلازم فإن أسماء الله توفيقية وله الأسماء الحسنى والصفات العلا فيقال يا خالق كل شيء
بعد عدم وذلك وظيفة القدرة (قوله وافتقارها إلى المخصص) أي الذي يخصصها ببعض ما يجوز عليها وذلك من وظيفة الارادة (قوله وذلك) أي ما ذكر من أن نسبتها: أي الأفعال إليه تعالى من الجهتين (قوله لا يختلف الخ) أي لا يقتضي اختلافها بالخيرية والشرية بحيث يكون بعضها: أي الأفعال خيرا وبعضها شرا فأو بمعنى الواو وضمير كونها للأفعال (قوله فإنهما) أي الخيرية والشرية (قوله ليسا الخ) أي ليسا من صفات الأفعال النفسية المقوّمة لها حتى تكون الأفعال متضادة بل من الأمور الاضافية فلا يكون بين الأفعال تصاد ّ، وحينئذ فلا يصح أن يقال إن اختلاف الأفعال بالتضاد يوجب اختلاف الفاعل (قوله فإن قتل الشخص الخ) بين هذا أن الخيرية والشرية ليستا صفتي نفس، لأن صفة النفس لا تختلف بالإضافة بل هي ما تقوّمت بها الماهية (قوله واذا تحقق) أي من خارج لا مما تقدّم (قوله يرجعان إلى الشرع) أي ولا مدخل للعقل فيهما، لأن أفعال الله لا تتصف بالحسن والقبح بالنسبة للعقل، لأن اسناد الأفعال الله من جهة الايجاد والتخصيص، وكل منهما لا يقال فيه إنه ملائم للطبع حتى يكون حسنا عقلا ولا منافر له حتى يكون قبيحا عقلا (قوله هو المقول فيه افعلوه) كالصلاة والصوم (قوله المقول فيه لا تفعلو) كالزنا وشرب الخمر والمراد لا تفعلوه: أي على وجه الجزم، وأما المكروه فهو وإن كان يقال فيه لا تفعلوه لكن لا يقال فيه قبيح (قوله وذلك لا يتحقق الخ) لأن العبيد هم الذين يقال لهم افعلوا أو لا تفعلوا (قوله فالأفعال الخ) علة لمحذوف تقديره لا بالنسبة إلى الله تعالى (قوله حسنة) أي لا بالمعنى المتقدّم بل بمعنى آخر، فالحسن له معنيان معنى يناسب الرب، ومعنى يناسب العبد (قوله إذ معنى الحسن الخ) قياسه أن يقال في القبيح: هو ما ليس لفاعله أن يفعله، وما ورد الذم على فاعله (قوله ما لفاعله أن يفعله) دخل فيه المباح (قوله بالنسبة إلى الله) كذلك لأن للمولى فعلها، ويستحق الثناء عليها حتى الكفر فيستحق عليه الثناء، لأن جميع الموجودات ناطقة بأن الرب خلقها، وهذا معنى ثنائها فقد صدق على الأفعال بالنسبة إليه تعالى أنها كلها حسنة (قوله المثنى) بضم فسكون أو فتح فكسر
(قوله بكل كمال) الأولى بكل حال (قوله وأما قول المعتزلة الخ) جواب عما يقال كيف يكون البارئ خالقا لجميع الأفعال حتى الشرور، مع أن خالق الشر يسمى شريرا كما قالت المعتزلة، والمولى لا يسمى بذلك (قوله شرير) أي يسمى بذلك (قوله توفيقية) أي فلا نسميه إلا بما جاء به الشرع ووقفنا عليه وأشار بقوله له الأسماء الحسنى إلى المذهب الآخر وهو أن أسماءه غير توفيقية لكنها مقيدة بكونها لائقة به تعالى (قوله والصفات العلا)