استحال تصوّر القدرة على أحدهما بدون الآخر ثانيهما أن التمانع لا ينتفي بذلك على تقدير تسليمه لأنه من الجائز أن يريد أحدهما وجود الجوهر والآخر يريد عدم العرض وبالعكس ونفوذ الارادتين مستحيل فيلزم عجزهما أو عجز أحدهما. قلت ويصح أن يجاب أيضا عن هذا الايراد بأن اختصاص أحد الالهين بنوع دون نظيره يلزم فيه التخصيص من غير مخصص إذ ليس اختصاص أحدهما بنوع بأولى من اختصاص الآخر به فإن فرض ثم مخصص لهما بما اختصا به لزم حدوثهما. فإن قلت لعل ذلك التخصيص باختيارهما. قلت لو كان باختيارهما لتأتى منهما تركه بأن يتصرف كل واحد منهما في مقدور الآخر ومراده لكن التالي باطل لما يلزم عليه من التمانع فالمقدم وهو كون التخصيص باختيارهما باطل فتعين اذا أن يكون التخصيص إما من الغير فيلزم حدوثهما أولا فيلزم التخصيص من غير مخصص وكلا الأمرين محال، وإذا عرفت بطلان أن يكون معه جل ّ وعلا قسيم عرفت بطلان ما ذهب إليه الثنوية القائلون بالهين اثنين تعالى الله عما يقول الظالمون علوّا كبيرا وشبهتهم في ذلك أنهم قالوا إنا وجدنا في الموجودات الممكنات خيرا ونظاما وفسادا واختلالا ووجه دلالة الفعل بالتضاد يدل على اختلاف الفاعل بالتضاد فدل على أن فاعل الخير غير فاعل الشر، وقد سلك المعتزلة هذا المسلك حيث قالوا فاعل الخير يقال له خير وفاعل الشر يقال له شرير قالوا فالشر ليس من فعل الله تعالى. قال ابن التلمساني: أجاب المتكلمون بأن الأفعال تنسب إلى الله تعالى من حيث تجددها
للعموم لم يكن تسليم. وأجيب بأن العموم لازم انتهاء لأن التماثل يلزمه العموم لكن في الانتهاء (قوله استحال الخ) أراد بالتصوّر التصديق: أي استحال أن يصدّق العقل بأن القدرة على أحدهما غير القدرة على الآخر (قوله تسليمه) أي تسليم أن توجد القدرة على أحدهما دون الآخر (قوله قلت ويصح الخ) هذا زائد على ما في المتن من الأجوبة (قوله عن هذا الايراد) أي قسم العالم قسمين الصادق يكون أحدهما الجواهر والآخر الأعراض، وبكونهما من الجواهر والأعراض تبع، وقوله: بنوع: أي قسم، وقوله: دون نظيره الضمير عائد على أحد الالهين (قوله لعل ذلك التخصيص) أي تخصيص أحدهما بإيجاد الجواهر وتخصيص الآخر بإيجاد الأعراض (قوله بأن يتصرف) أي بأن يمكن أن يتصرف الخ وهذا تصوير للترك، وعلى هذا فقوله بعد من التمانع: أي من امكانه لأنه المرتب على امكان التصرف، وليس تصويرا لتأتى الترك، لأن التأتى المذكور قد لا يكون معه تصرف لجواز الترك منهما معا لمقدور الآخر (قوله أولا فيلزم الخ) صادق بصورتين التخصيص من غير مخصص والتخصيص القهري، والشارح التفت لإبطال الأولى وسكت عن ابطال الثانية (قوله الثنوية) فرقة من المجوس (قوله في ذلك) أي القول (قوله واختلالا) عطف تفسير (قوله ووجه الخ) اضافة وجه لما بعده بيانية والباء في قوله: بالتضاد ّ بمعنى على، والمراد بالفعل المفعولات (قوله فدل الخ) لأن الخير والشرّ ضدان والشأن أن الفاعل إنما يفعل أحد الضدين ولا يفعلهما معا (قوله هذا المسلك) هو أن فاعل الخير غير فاعل الشر ّ (قوله ليس من فعل الله) أي بل من فعل العبد فهو الذي يقال له شرير (قوله أجاب المتكلمون) أي عن شبهة الثنوية ويجر ذلك الجواب ذيله على المعتزلة (قوله من حيث تجدّدها) أي وجودها